بين نظرة ونظرة: المزيد عن المعرض

يضم معرض "بين نظرة ونظرة: جيروم، فن وأثر" ثلاثة أقسام منفصلة، يجمعها رابط مشترك، ويشجع كل قسم الزوّار على التساؤل حول تفسير وتلقي الأعمال الفنية عبر الزمن، مع تكوين آرائهم وردود أفعالهم الخاصة حول ما يرونه.

المشاركة مع صديق

نظرة أوسع، جيروم جديد

القيّم الفني: الدكتورة إيميلي ويكس

إنّ هذا المعرض، المتضمن للوحات جيروم ورسوماته، ومكتمل المجموعة بقطع دولية أعارتها بكل سخاء مؤسسات وجامعو مقتنيات خواص، يمنح فرصة فريدة لإعادة النظر في أعمال الفنان الاستشراقية بمناسبة إحياء ذكرى مئويته الثانية.

يهدف هذا القسم من خلال صالات عرضه الثلاث إلى تقديم جيروم كثمرة عصره ورائد أسلوبي، في حلة أحجية تنتظر من يفك غموضها ويميط اللثام عن سر دلالتها. وقد أُنجزَت هذه المَهمة في تسلسل تاريخي مرن من خلال المعروضات المرتبة في ثلاث صالات متعددة الوسائط.

أمّا الصالة الأولى، فهي تستهل عرضها من القرن التاسع عشر للميلاد بتفحص لسيرة جيروم الذاتية، وتُظهر انعكاسات التأثيرات والسياق التاريخي الذي وُجد ضمنه؛ حيث تطرح جملة من التساؤلات: ما هو الفن الاستشراقي؟ من كان جيروم؟ كيف كان يُنظر إلى أعماله الفنية في حياته؟ هنا، أُجيب جزئياً على السؤال الأخير، في مقدمةٍ عن أسلوبه الواقعي والأكاديمي. بعدها، سيتعرف الزوار من خلال مشاهدة أعماله في الصالة الثانية على تقنيات هذا الأسلوب، وحس الإبداع المبهر فيه، ويفهمون بذلك كيف أثّر على طريقة إدراك جمهوره لأعماله على أنها "واقعية". ومن ثَمّ، سيكتشفون في الصالة الثالثة السبب وراء تسييس أسلوب جيروم في القرن العشرين، وكيف كان من شأن تعريفٍ وخطابٍ جديديْن للفن الاستشراقي أن يعقدّا من تقدير فنه.

ومن خلال سلسلة من خمس مجموعاتٍ رُتّبت حسب المواضيع التي هيمنت على الأعمال الفنية الاستشراقية لجيروم في الفترة الممتدة بين عامي 1855 و1904، تُطرح تأويلات تنافسية حول أعماله؛ حيث يُدار النقاش فيها بين حس التذوق أو النظر عن كثب، والنظرية الأكاديمية والسياسية الحديثة. وأخيراً، ستتاح للزائر فرصة التفكّر في سؤاليْن: ما المعاني التي يمكن أن نستشفّها إذا تناولنا أعمال جيروم من منظور أوسع؟ ما السبيل إلى فهم فن جيروم الاستشراقي اليوم على أفضل وجه؟

بين جيروم والصورة: حقيقة أغرب من خيال

القيّم الفني: جايلز هدسون

غالباً ما يأتي ذكر جيروم والتصوير الفوتوغرافي كوجهين متلازمين، ويعزى ذلك إلى جملةٍ من الأسباب. أولاً، لأن جيروم يركز في عناصر من لوحاته على الصور الفوتوغرافية؛ وثانياً، لأن أسلوبه يعدّ فوتوغرافياً في واقعيته؛ وثالثاً، لأنه يُنظر إلى كل من إنتاجه الاستشراقي وصور القرن التاسع عشر الفوتوغرافية من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على أنها تشفير مركّبٌ على النحو ذاته لبنية السلطة الاستعمارية والمعتقدات الغربية حول تفوُّق العرق والجنس والثقافة. وقد تَمثَّل التحدي على مستوى هذه الصالة في التوغل بين ثنايا كلٍ من هذه القضايا، ولا يقتصر ذلك على تفحص الجزئيات التي تحكم علاقة جيروم بالتصوير الفوتوغرافي، بل أيضاً بتقييم كيفية تغلغل الأفكار الاستشراقية في أرشيف التصوير الفوتوغرافي الإقليمي بشكل أعم، وكذا تأثيرها على قراءتنا لها.

من شأن التركيز على مسائل النظرية ما بعد الاستعمارية مساعدتنا في إظهار المخفي البعيد عن المرئي من الصور الفوتوغرافية، وفهم تحيزاتها وافتراضاتها الباطنة، غير أنّ هناك الكثير من القضايا المتعلقة بتأويل التصوير الفوتوغرافي الإقليمي التي لا تندرج ضمن هذا النطاق. تعدّ التأثيرات الاستشراقية بارزة في أرشيف الصورة، بيد أنها مهذَّبة بلمسات معايير الفن وأذواقه، والاعتبارات التكنولوجية، وقوى السوق، ومتطلبات أخرى. فعديدة هي القصص المتناقضة لصور الحقيقة والخيال الفوتوغرافية التي تمخضت عن هذه الأفكار المتداخلة، ومَهمتنا هنا هي فك تشابكها.

تتضمن صالة عرض التصوير الفوتوغرافي ثلاثة أقسام. ينظر القسم الأول منها إلى التوتر بين الفن والموضوعية في أعمال أوائل المصورين الفوتوغرافيين الفرنسيين ضمن دائرة جيروم. بينما يقدم القسم الثاني تشكيلة تصورات نمطية للصور الفوتوغرافية وتصورات نمطية أخرى مناهضة لها في فن العمارة ورسم البورتريه. أمّا في القسم الثالث، فتُوضَّح الصِّلات الرابطة بين الرسم الاستشراقي والتصوير الفوتوغرافي من خلال موضوع اللون؛ وهو تصوّر نمطي شائع عن الوسيطيْن، غير أنه غالباً ما يُغفل عن أهميته. وتجمع هذه الأقسام أمثلةٌ لصور فوتوغرافية مستنسخة طباعةً، لا سيما لفن جيروم الذي يعكس أهمية استنساخ اللوحات الدقيق، بالنسبة لمشروعه الإبداعي ولتاريخ التصوير الفوتوغرافي إبّان تلك الحقبة.

أقسم أني رأيت ذلك

القيّم الفني: سارا رضا

يضم هذا القسم من المعرض أعمال 25 فناناً من أجيالٍ مختلفة، تفتح آفاقاً بديلة للتساؤل حول القراءات القاصرة العنصرية والأبوية للاستشراق والمتجذرة في الجدليات البصرية لأعمال جان ليون جيروم الفنية والمشروع الاستشراقي عموماً.  فالأعمال المعروضة من رسوم، وأعمال فنية تركيبية، ولوحات، ومنحوتات، وشرائط سينمائية، ومقاطع فيديو، تتضمن قطعاً معاصرة وحديثة وتاريخية من مجموعتيْ متحف ومتحف لوسيل، بالإضافة إلى تكليفات فنية جديدة وأعمال حديثة لفنانين معاصرين.

tbc

أرغين تشاووش أوغلو، خماسية بلا حدود. تعاون مع كونستانتين بويانوف. فيديو عالي الدقة متزامن بخمس قنوات، صوت بخمس قنوات، 2007. المدة: 21 دقيقة و21 ثانية. لقطة ثابتة من الفيديو، ©أرغين تشاووش أوغلو وكونستانتين بويانوف. بإذن من الفنانين

إنّ المقاربة التي انتهجتها سارا رضا في تقييمها الفني تنبع من اهتمامها بالإيديولوجيات الهجينة والفضاءات الجغرافية، وبالتحديد من انجذابها إلى الجماليات الثقافية البصرية العالمية، والتي توظّفها كأسلوب لتكوين حاصلٍ جديد في التنظيم الفني لإعادة النظر في الاستشراق. فالقطع الفنية المعروضة بطريقة لا خطية ولا مركزية تبسط أفكاراً متداخلةً تفسح مجالاً لإعادة تنظيم أعمال تعود لفترات زمنية وجغرافيات وسياقات تاريخية مختلفة، وإعادة ترتيبها ومزجها ببعضها البعض.

أمَّا مسمى المعرض فهو مستنبط من عنوان الكتاب "أقسم أني رأيت هذا" الذي أصدره مايكل تاوسيغ عام 2011، اختصاصي علم الإنسان، والذي يدرس التداخل بين البحث الاجتماعي، والفن، والإثنوجرافيا، ويطرح تساؤلات حول الفوارق بين ما يُرى وما يُصدّق. ويتمثل أحد المطامح المهمة لهذا القسم في إعادة تقييم دور الفنان من الناحية المفاهمية بوصفه عالِم إثنوجرافيا، وكذا استشفاف الموضوعات الاجتماعية المتعلقة بالجغرافيات البشرية، واللغة، ومناطق التنقل المكانية وغير المكانية. علاوة على ذلك، يقلب أي من الفنانين منحى التركيز الجغرافي الاستشراقي من الشرق إلى الغرب من أجل تفحّص "الفكرة الأوروبية" وإبراز الطابع المُركَّب للمناظر الطبيعية أيضاً، فلطالما كانت يد الفنان أداة هدم مهمة، تتحدى السوابق التاريخية البالية، وتُشجع التصور الواعي، وتقوِّض مجال الاستشراق في القرن الحادي والعشرين.

الدليل الصوتي

جولة صوتية مكونة من 17 محطة تقدم سياقاً إضافياً ورؤى قيّمة من القيّمين على المعرض.

كتالوج المعرض

يُرفَق المعرض بكاتالوج مصور بالكامل يحوي بحثاً جديداً عن الفنان ومقالات عن تأثيره، من إنجاز القيّمين الفنيين وكذا كريستين بيلتر، المختصة في الفن الاستشراقي والبروفيسور في تاريخ الفن بجامعة مارك بلوش في ستراسبورغ.

العودة إلى صفحة المعرض