نبذة عن المعرض
تنتمي الفنانة والمعلمة القطرية وفاء الحمد إلى الجيل الأول من الفنانات اللواتي ساهمن في تشكيل المشهد الفني الحديث في قطر. بدأت مسيرتها الفنية في الثمانينيات في المرسم الحر، حيث كانت من أولى الشابات اللواتي درسْنَ الفن وعرضْنَ أعمالهن. ثم حصلت على درجة البكالوريوس في التربية الفنية من جامعة قطر، لتصبح مع زميلة لها أول امرأتين تتخرجان في هذا القسم في عام 1986. خلال هذه الفترة، انضمت إلى جمعية قطر للفنون التشكيلية وشاركت في معارض محلية وإقليمية. أرست دراستها المبكرة للواقعية الكلاسيكية والانطباعية قاعدة صلبة انطلقت منها لاستكشاف عوالم التجريد والوسائط المتعددة لاحقاً، وهو المسار الذي توّجته بمتابعة الدراسات العليا في الولايات المتحدة خلال تسعينيات القرن الماضي.
تعكس أعمال الحمد، التي تتميز غالباً بالخداع البصري الحالم والتجريد التأملي والأشكال المستوحاة من قاع المحيط، تفسيراً هجيناً للهوية يمزج بين المدارك الجمالية المحلية والعالمية. تخلق هذه العناصر عوالم جديدة يتشابك فيها الموروث الثقافي مع التعبيرات المعاصرة. شكّل تدريسها الفنون في جامعة قطر إطاراً نما فيه اهتمامها العميق بالتاريخ والتراث، وهو الاهتمام الذي حفز الحمد للتجريب في عوالم نظرية اللون وتقنيات الفن، التي سخرّتها الفنانة كأدوات سردية.
في تجربة الحمد الإبداعية، تتمازج جماليات الأشكال الهندسية وجرأة اللون لتعكس جوانبها الروحانية وذاكرتها الثقافية، مقدّمة عبر لغة التجريد قراءة نابضة بالحياة للحداثة الخليجية.
ففي لوحة "أطلال" (برج برزان) (1985)، ترسم فرشاة الفنانة معلماً تقليدياً بضربات تخلّف تراكماً ذا ملمس وألوان أرجوائية جريئة، وهو ما يميز رؤية الحمد الفنية عن رؤى فناني جيلها. وكما هو الحال مع لوحة "خداع البصر" (1985)، تربط لوحة "أطلال" عالم الروح بفضاءات المادة، لتعيدا تقديم مفهوم الإدراك الحسي من منظور مغاير وفريد.
ومن الأعمال البارزة أيضاً لوحة "ليلة الحناء" (1992) التي تحوّل طقساً احتفالياً إلى مشهد شبه تجريدي يفيض بروحية الروابط المجتمعية من خلال تفاعلات الضوء والحركة، وشخوص قادمة من عالم الأحلام، تستحضر أجواء السريالية.
يسلّط معرض "جغرافيا الخيال" الضوء على مسيرة وفاء الحمد التي امتدت لأكثر من أربعة عقود، مستعرضاً 23 عملاً فنياً من مجموعة متحف الدائمة تضم لوحات استخدَمت فيها ألواناً مائية وزيتية، وأعمالاً خشبية، ومواد أرشيفية، إلى جانب أعمال طبق الأصل وأخرى مُعارة.
يضم المعرض ثلاثة أقسام بحسب الموضوع: الأول يحتفي بأعمال الحمد الرائدة في ميادين الخداع البصري والوسائط المتعددة؛ بينما يلقي الثاني الضوء على تفاعلها مع الذاكرة الثقافية وتقاليد الموروث؛ أما المحور الثالث، فيُؤطر أعمالها ضمن حركة الحداثة الفنية العربية، مدللاً على أوجه التلاقي بين مساهماتها وإبداعات فنانات معاصرات مثل سامية حلبي وبلقيس فخرو وثريا البقصمي.
"وفاء الحمد: جغرافيا الخيال" هو أول معرض فردي يقام احتفاءً بمسيرة فنانة رائدة جمعت بين الإبداع الفني المُلهم والتعليم، ويأتي ليعيد قراءة إسهاماتها التي أغنت المشهد الفني القطري على مدى عقود.
نبذة عن الفنان
وفاء الحمد (1964 الدوحة - 2012 هايدلبرغ) هي فنانة قطرية رائدة جمعت أعمالها بين التجريد الحداثي والتراث الثقافي والتعبيرات الذاتية. بدأت الحمد تعليمها في المرسم الحر بالدوحة (1981-1985) حيث كانت من أوائل الشابات اللاتي شاركن في أنشطته. هناك، درست تحت إشراف الفنان المصري جمال قطب وآخرين، ممن تركوا بصمة واضحة على أعمالها الأولى ذات الطابع السريالي. انضمت الحمد أيضاً إلى جمعية قطر للفنون التشكيلية في منتصف الثمانينيات، وشاركت في معارض محلية وإقليمية. حصلت على درجة البكالوريوس في التربية الفنية من جامعة قطر عام 1986، لتصبح واحدة من أوائل النساء اللاتي تخرجن في القسم، وهو إنجاز بارز ألهم الأجيال اللاحقة من الفنانات والمعلمات في قطر.
تابعت الحمد دراستها في الخارج، حيث نالت درجة الماجستير في الفنون الجميلة من جامعة شرق ميشيغان عام 1991، لتتوج مسيرتها الأكاديمية بحصولها على درجة الدكتوراه في التربية الفنية من جامعة شمال تكساس عام 1998.
ساهمت الفترة التي أمضتها في الخارج في تعميق استكشافها لنظرية الألوان والتجريد الهندسي والخداع البصري، وهي العناصر التي شكلت فيما بعد الهوية البصرية المميزة لأعمالها. بعد عودتها إلى قطر، درّست الحمد في جامعة قطر من عام 2000 إلى 2011، حيث أرشدت جيلاً جديداً من الفنانين، بينما واصلت تطوير أسلوبها الفني المميز. وقد سعت في أعمالها، التي جمعت بين الفن الإسلامي، والتراث الخليجي، والأمثال العربية، إلى خلق "نوافذ على الثقافة الخليجية"، وتقديم هذه العناصر كمجازات بصرية معبرة، مستكشفة التفاعل الجدلي بين الأصالة والحداثة.
من أبرز معارض الحمد معرضها الفردي الأول مع جمعية قطر للفنون التشكيلية (1988، فندق شيراتون، الدوحة) ومعرض "عبق من الماضي: وفاء الحمد" (2013، جامعة قطر، الدوحة). إقليمياً، شاركت في بينالي الشارقة الرابع (1999، الشارقة، الإمارات العربية المتحدة) ومعرض الفنانات التشكيليات العربيات الأول (1996، مؤسسة الشارقة للفنون، الشارقة، الإمارات العربية المتحدة)، ومعرض "6 نساء خليجيات" (1994، قصر الثقافة بالشارقة، المركز الثقافي سابقاً، الإمارات العربية المتحدة). تنعكس مساهماتها في الفن القطري في معارض مثل "سوالف: الفن القطري بين الذاكرة والحداثة" (2014، متحف، الدوحة) ومعرض "تجربة إلى الأمام: الفن والثقافة في الدوحة من 1960 إلى 2020" (2020، متحف، الدوحة).
المشاركون في المعرض
ثريا البقصمي، وفاطمة المحب، وسامية السيد عمر، ووفيقة سلطان سيف العيسى، وبلقيس فخرو، وتحية حليم، وسامية حلبي، ونظيرة محمود، ورابحة محمود، ونجاة مكي، وليلى نصير، ونزيهة سليم، وجاذبية سري، ولطيفة توجاني، ومديحة عمر.