عبد الحي مسلم زرارة ومجد عبد الحميد وعریب طوقان

عبد الحي مسلم زرارة، ومجد عبد الحميد، وعریب طوقان، فنانون فلسطينيون يتميزون بتنوع ممارساتهم الفنية؛ زرارة علّم نفسه بنفسه وكرّس فنه لتسجيل الذاكرة الجماعية وتجسيد نضالات الشعب الفلسطيني، بينما يقدم عبد الحميد تجربة تأملية هادئة في الزمن والصدمة والذاكرة عبر وسائط متنوعة، وتشمل ممارسة عریب طوقان متعددة التخصصات التصوير الفوتوغرافي والسينما والكتابة والمطبوعات، مستكشفةً العلاقات بين الفن والذاكرة والنضال.

المشاركة مع صديق

عبد الحي مسلم زرارة

1933، الدوايمة–2020، عمان

وُلد عبد الحي مسلم زرارة في قرية الدوايمة، فتشبّعت سنواته الأولى بالتقاليد الريفية التي تركت بصمتها على أعماله الفنية اللاحقة، والتي صوّر من خلالها الحياة القروية وعادات المجتمع. شكلت صدمة النكبة ومذبحة الدوايمة عام 1948، التي أجبرت عائلته على النزوح، منعطفاً رسّخ التزامه الأبدي بالحفاظ على الثقافة الفلسطينية عبر ممارسته الفنية.

بعد تنقلات متكررة فرضتها الاضطرابات السياسية، استقر زرارة في ليبيا حيث انطلقت مسيرته الفنية، وهناك طور تقنية مبتكرة باستخدام نشارة الخشب والغراء لإنتاج لوحات بارزة صاغ من خلالها لغة بصرية فريدة ركّزت على موضوعات المقاومة والهوية. جمعت أعماله بين الذاكرة الشخصية والتاريخ الوطني، واستحضرت غالبًا مقاتلي الحرية والشعارات الثورية والمناظر الطبيعية الرمزية. بالتعاون مع فنانين بارزين مثل مصطفى الحلاج، اضطلع زرارة بدور محوري في تعزيز دور المؤسسات الثقافية الفلسطينية في المنفى، لا سيما عبر مشاركته في إدارة جاليري ناجي العلي للفنون الجميلة في دمشق.

تجاوزت ممارسته الفنية حدود فلسطين، حيث تناولت أعماله حركات التحرر العالمية في أيرلندا وأميركا اللاتينية وجنوب إفريقيا. ومع مرور الزمن، تطور فنه من الناحية الشكلية والموضوعية، فانتقل من التصوير أحادي اللون إلى تكوينات نابضة بالحيوية والديناميكية. وبعد انتقاله إلى عمان عام 1992، واصل زرارة إنتاج أعمال ذات صدى سياسي ووجداني، مع التركيز بشكل خاص على دور المرأة في المقاومة.

عبد الحي مسلم زرارة هو الفنان الراحل الوحيد المشارك في معرض "نرفُض / رَفَضنا"، حيث تُعرض أعماله بعد وفاته تكريماً لإرثه والتزامه بالفن والحياة، وهي شهادة بالغة على الصمود والذاكرة والنضال المستمر في سبيل العدالة.

ENG

عبد الحي مسلم زرارة، الشهيد، 2008، نحت بارز ملوّن، أكريليك، نشارة خشب وغراء على خشب، 73 × 106 سم، بإذن من دارة الفنون – مؤسسة خالد شومان.

صورة: علي الانصاري، بإذن من متاحف قطر، ©2025

ENG

علي الانصاري، بإذن من متاحف قطر، ©2025

مجد عبد الحميد

يعمل مجد عبد الحميد عبر وسائط متنوعة كالفيديو والتركيب والرسم والنحت، وعلى نحو خاص، التطريز، ليصنع لغة بصرية دقيقة وعميقة في آن.

يستكشف عبد الحميد تمزق الحياة المعاصرة في ظل الاحتلال والنزوح والعنف الممنهج، من خلال الإيماءات المتكررة والأشكال المجردة والألوان المقيدة. يحوّل التطريز إلى أداة مفاهيمية حميمة وأرشيفية في الوقت ذاته، تحمل العديد من أعماله ثقل التاريخ الشخصي والجمعي، المليء بالانقطاعات والغيابات والجروح الحقيقية والرمزية.

تقاوم ممارسته الإثارة، وتختار بدلاً من ذلك التركيز على الهادئ وغير المكتمل والهش، بدلًا من تقديم حلول. توفر أعماله مساحة للغموض والحزن والتمرد غير المباشر. من خلال الخيط والزمن، ينسج عبد الحميد لغة من الرعاية والمقاومة والاهتمام العميق بما لا يُرى.

يُقدّم في هذا المعرض سلسلة "رنين"، وهي مجموعة تطريزات تتتبع النمو البطيء لنبات عصاري على مدى عدة أشهر. من خلال التطريز ومراقبة نمو النبات يومياً، يستخلص الفنان موتيفات من التجربة المعاشة. تتميز النباتات العصارية بأوراقها السميكة وقدرتها على النمو في الظروف القاحلة، وتجسّد الصمود والقدرة على التكيف والذكاء الهادئ. تعمل تشكيلاتها الحلزونية على تعزيز قدرتها على البقاء، وزيادة وصولها للضوء وتوجيه الرطوبة نحو الجذور. تصبح النباتات استعارة عن المثابرة تحت الضغط والتحمل في بيئات نادرة الموارد، ويرسم الفنان أوجه التشابه بين استراتيجيات البقاء الطبيعية والمشاهد العاطفية والسياسية للحياة البشرية.

ENG

 

ENG

 

عریب طوقان

نشأت عریب طوقان وترعرعت في ربوع الأردن وفلسطين، وتستكشف أفلامها المقالية وتراكيبها الفوتوغرافية ونصوصها العلاقات بين اللطف والرعب، والمادة والفقد، والمعنى والأسى، وبينما تستكشف الإمكانات التحررية للصور، تهيم عيناها أحياناً إلى ظواهر الطبيعة مثل الصبار أو عنق حصان أو رمش عين.

بالإضافة إلى ممارستها البصرية، تعمل طوقان ككاتبة وباحثة، وتُدير ممارسة فنية قائمة على البحث في برلين، تستلهم كتاباتها ثراء مفردات اللغة العربية، فتتحدى السرديات السائدة بفهم أكثر شعبية للصور، وبالأخص صور النضال. يبحث كتابها "الحداثة المنوعة" في الحداثة الفلسطينية من خلال موادها الثقافية والسياسية، ويوسع نطاق الحوار حول الممارسات الحداثية إلى ما وراء البنى المركزية الأوروبية.

ENG

 

ENG

 

شغلت طوقان مناصب أكاديمية في كلية بارد والأكاديمية الدولية للفنون في فلسطين، قبل أن تحصل على درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد في عام 2019. تشتبك ممارستها وأبحاثها مع المناقشات النقدية حول الفن واللغة والسياسة والشعر.

بتأثير من حوار طويل الأمد مع التربوي الفلسطيني منير حول مفهوم التربة، واستلهامًا لكتابات الكاتب والمحامي الفلسطيني رجا شحادة عن "السرحة" (التجول بحرية في الطبيعة)، تصوغ طوقان مقاربة حميمية ولمسية للصور، مما تسميه: "تحبب تربة الصورة، فتقرأ الصورة كطبوغرافيا، وتقرأ الطبوغرافيا كصورة". تستكشف كتابها "حيث تختبئ مقالات حول البصر" (2025)، الصادر عن دار أركايف بوكس كجزء من هذا المعرض، هذه التناظرات والترادفات، ويتضمن أول ترجمة عربية لبعض مقالاتها عن النضال والرغبة. يقدم المعرض مجموعة مختارة من الصور الفوتوغرافية من الكتاب مصحوبة بملاحظات تحت عنوان "فهرس للأشياء الحية".