ديما سروجي وتيسير البطنيجي

ديما سروجي، معمارية وفنانة وباحثة فلسطينية، وتيسير البطنيجي، فنان متعدد التخصصات، يعملان على استكشاف موضوعات حساسة تتقاطع بين التاريخ والذاكرة والهشاشة؛ حيث تتناول سروجي باطن الأرض – حرفياً ومجازياً – كموقع للتاريخ المكبوت والتحرر المحتمل، بينما يستكشف البطنيجي في أعماله مواضيع النزوح، المؤقتية، وسياسات الظهور.

المشاركة مع صديق

ديما سروجي

تتناول ممارسات ديما سروجي متعددة التخصصات تقاطع التاريخ والاستعمار والسياسات المكانية، باحثة عن مساحات للإصلاح الجماعي المحتمل من خلال تعاونها الوثيق مع علماء الآثار والأنثروبولوجيين والحرفيين. توظف سروجي مواد مثل الزجاج والجص والوثائق الأرشيفية والنصوص والأقلام لتسائل مفهوم التراث الثقافي في العالم العربي، ولا سيما في السياق الفلسطيني.

مدفوعة بضغط العنف المستمر في فلسطين، تبحث سروجي فرضيات معمارية تطرح من خلالها أسئلة "ماذا لو" حول المخططات التاريخية غير المنجزة والمنشآت المهجورة والتصميمات التخمينية التي تلمح إلى مستقبل بديل. عبر هذه التساؤلات، تحول شظايا البقاء إلى رؤى ملموسة للتحرر الجماعي.

ENG

علي الانصاري، بإذن من متاحف قطر، ©2025

ENG

علي الانصاري، بإذن من متاحف قطر، ©2025

يستكشف مشروعها "يافا: شظايا من حداثة مستمرة" المخطط العام ليافا في الفترة بين عامي 1946–1948، والذي لم يرَ النور، كونه المحاولة الأخيرة من عمدة المدينة الفلسطيني لتقديم رؤية "حديثة" إلى سلطات الانتداب البريطاني، أملاً في تجنيب المدينة خطر الاحتلال. لا تعيد سروجي إحياء هذا المخطط بدافع الحنين إلى الماضي، بل كنقد للعلاقة المفترضة بين الحداثة والحرية. تكشف عن المفارقة المتمثلة في أن المخطط، بتبنيه تعريف المستعمر للـ"حداثة"، ينطوي بالضرورة على منطق محوه، لتفند بذلك الافتراض القائل بأن الشعوب المهمشة يجب أن تمارس الحضارة لتنال حقها في الوجود. في سياق غالباً ما تلعب فيه العمارة دوراً في أنظمة العنف، يقف عمل سروجي ليذكرنا بإمكانات العمارة كأداة للذاكرة ووعاء للروح وأساس للتحرر.

تيسير البطنيجي

وُلِد تيسير البطنيجي في غزة، ويعيش ويعمل بين فلسطين وفرنسا منذ التسعينيات. تشمل أعماله التصوير الفوتوغرافي والرسم والفيديو والتركيب والأداء.

تتميز أعماله بالانضباط الشعري والدقة المفاهيمية، فبدلاً من الإدلاء بتصريحات سياسية مباشرة، يلجأ البطنيجي إلى الحياة اليومية والزائلة للتفكير في آثار الفقد والتفكك. مستلهماً تاريخه الشخصي والذاكرة الجمعية والرواية التاريخية، يتعامل مع موضوعاته بأسلوب شعري ينطوي على الانفصال: يغيرها ويبدلها ويعيد تصورها ليقدم تأملات نقدية متعددة الطبقات للواقع المعاش.

ENG

علي الانصاري، بإذن من متاحف قطر، ©2025

ENG

علي الانصاري، بإذن من متاحف قطر، ©2025

لم يتمكن البطنيجي من العودة إلى غزة منذ سنوات عديدة، ويظهر هذا الانقطاع في الكثير من أعماله. المسافة والصمت والغياب ليست مجرد مواضيع، بل مواد تشكل ممارسته. من خلال إيماءات دقيقة ومؤثرة، يخلق فضاءات تأملية تتحدث عن هشاشة المكان والهوية والانتماء في عالم ممزق.

في هذا المعرض، يقدم مجموعة مختارة من الأعمال التي تركز على المفاتيح، والتي اعتبرها منذ التسعينيات مجازاً بليغاً للطرد والنزوح، وتثير حالة الجمود التي يواجهها الفلسطينيون في حياتهم اليومية، وعجزهم عن التحكم في المكان والزمان أو تشكيلهما. كما يقدم سلسلة "ألوان بلا مأوى"، التي أنجزها باستخدام ألوان الشمع والفلوماستر وأقلام الحبر الجاف. في هذه الرسومات، ينخرط الفنان في عملية تأملية تكاد تكون رحلة روحانية، بحثاً عن ملاذ حميم من قسوة الواقع. بدأ العمل على هذه السلسلة في ظل صدمة الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، وتعكس حالة من الحرقة والحزن الجماعي والشخصي، وتبرز صمتاً خلفته صدمة تعجز الكلمات عن إدراكها.