خليل رباح وسهى شومان

خليل رباح وفنان مفاهيمي يستكشف نقدياً سياسات التمثيل والتراث والنزوح، إلى جانب سهى شومان، فنانة فلسطينية أردنية وناشطة ثقافية وقطب من أقطاب الفن العربي المعاصر.

المشاركة مع صديق

خليل رباح

مستعيناً بأدوات وجماليات علم المتاحف وأنظمة الأرشفة والعرض المؤسسي. يبني خليل رباح أطر عمل استشرافية تتساءل عن كيفية كتابة التاريخ وصوغ المعرفة من قبل السلطة. أحد المكونات الأساسية لممارسته الفنية هو مشروعه المستمر: "المتحف الفلسطيني للتاريخ الطبيعي والإنسانية" المتخيّل، الذي يعمل كعمل فني ونقدي في آن واحد. من خلال هذا العمل والأعمال ذات الصلة، يستكشف رباح محو وتلفيق الروايات في السياقات الاستعمارية وما بعد الاستعمارية، لا سيما فيما يتعلق بفلسطين.

يشكل مفهوم النزوح، من زاويتي السياسة والفلسفة، محورًا لأعماله. فباستخدام مواد متنوعة مثل أشجار الزيتون والتربة والحجر، يضع رباح هذه الرموز للصمود والتجذر داخل مؤسسات الفن المعولمة، مؤكداً على تهجيرها القسري. ومن خلال الأرشيف وقطع العرض المتحفي، يطرح رؤية لتاريخ مضاد مجزأ وذاتي، يقاوم المحو الرسمي.

Ali Al-Anssari, courtesy of Qatar Museums ©2025

علي الانصاري، بإذن من متاحف قطر، ©2025

Ali Al-Anssari, courtesy of Qatar Museums ©2025

علي الانصاري، بإذن من متاحف قطر، ©2025

إلى جانب ممارسته الفنية، لعب رباح دوراً محورياً في تشكيل المؤسسات الثقافية في فلسطين؛ فهو مؤسس مشارك لمؤسسة المعمل للفن المعاصر، وبصفته مؤسسًا لبينالي رواق ومديره الفني، قام بترميم عدد من المواقع التاريخية في القرى الفلسطينية وإحيائها، بشكل يتحول فيه ترميم التراث إلى عمل من أعمال الصمود الثقافي في ظل سياق ممزق.

عمله التركيبي "دليل" يتناول شجرة الزيتون ككائن حي ورمز للتجذر والصمود والنزوح. في وسط العمل نجد لوحة رخامية منقوشة تصور جذور الشجرة أو أغصانها الخالية من الأوراق، حسب موقع المشاهد، في دعوة لإعادة التفكير في مفاهيم الانتماء والفقد. يتضمن العمل أيضاً 80 لوحة زيتية دقيقة من الباستيل على الورق، تصور جذوع أشجار زيتون مقطوعة بشكل شبه تشريحي، تبدو كبقايا عضوية. في مجموعها، تتحدث هذه العناصر عن دورات النمو والدمار، والحضور الثقافي والسياسي والبيئي الصامد لشجرة الزيتون.

سهى شومان

تمتد ممارسات سهى شومان متعددة التخصصات لتشمل الفنون البصرية والسينما وبناء المؤسسات، وهي ممارسة متجذرة في التزام أصيل بدعم الفنانين العرب المعاصرين وتعزيز الحوار الثقافي النقدي في جميع أنحاء المنطقة.

ولدت في القدس قبل أربع سنوات من النكبة، وقد كان لتجربة النزوح أثر عميق على حياتها وممارستها الفنية. أعمالها تأملية ومشحونة سياسياً، تستكشف مواضيع متشابكة مثل الأرض والزمن والذاكرة، بدءاً من لوحاتها التجريدية المبكرة المستوحاة من المناظر الطبيعية الخالدة في البتراء، وصولاً إلى أعمالها اللاحقة بالفيديو التي تتناول المنفى والخسارة بصراحة مباشرة. إرثها الفني يتراوح بين التجريد والانخراط السياسي، والذاكرة والشهادة.

تأثرت مسيرتها الفنية بدراستها على يد الفنانة الأميرة فخر النساء زيد، التي التقت بها شومان بعد انتقالها إلى الأردن عام 1974. لم يكن الانتقال من الرسم إلى الفيديو في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين قطيعة مع السابق بقدر ما كان تطوراً لمرحلة جديدة؛ فقد وجدت التجريدية المضيئة التي طورتها سابقاً حياة جديدة في تركيبات الفيديو التي وسعت نطاق بحثها إلى غير المادي: الزمن والضوء والذاكرة.

ENG

 

Ali Al-Anssari, courtesy of Qatar Museums ©2025

علي الانصاري، بإذن من متاحف قطر، ©2025

بالتوازي مع إبداعاتها الفنية، لعبت شومان دوراً تحويلياً في تشكيل البنية التحتية الثقافية في العالم العربي. ففي عام 1988، وإدراكاً منها لاحتياجات مناطق النزاع، أطلقت مع زوجها خالد مبادرة لتوفير المأوى والدعم للفنانين الفارين من الحرب والعنف في بلدانهم. أرست هذه المبادرة الأساس لافتتاح "دارة الفنون" عام 1993، وهي بيت للفنون والفنانين من العالم العربي، وأصبحت منذ ذلك الحين منصة رئيسية للفنانين والمفكرين والباحثين المعاصرين من المنطقة. من خلال الإقامات الفنية والمعارض والبرامج العامة، عززت شومان مساحات للتجريب والتفكير والمقاومة، ودعمت أجيالاً من الفنانين عبر توفير أرضية مستقرة لمواصلة ممارستهم الفنية وإيجاد مجتمع لهم.

في فيديو بعنوان "بيارتنا"، تقص شومان حكاية بستان البرتقال الذي غرسه جدها عام 1929 في بيت حانون شمالي غزة. يدمج العرض بين الشهادات الشخصية والصور الأرشيفية والوقائع على الأرض، ويقتفي أثر حياة أشجار البستان التي رعاها ثلاثة أجيال من عائلتها قبل أن تدمره قوات الاحتلال عقب الانتفاضة الثانية (2002-2009). عبر السرد الشعري ووحدة التناقض البصري، يستدعي العمل حساً مزدوجاً من الجمال والقطيعة، ويعكس تأثيرات الذاكرة والنزوح والفقد على الأرض والمنفى.