العلاج بالتأمل العمالة غير المرئية: تفاصيل إضافية عن معرض صوفيا الماريا

يحول معرض "صوفيا الماريا: العلاج بالتأمل العمالة غير المرئية" ثلاث من صالات متحف إلى مساحة تلتقي فيها الأحلام الشخصية، والتاريخ المُتنازع عليه، وتجارب الاستماع التأملية. ضمن هذه العوالم الدقيقة، يمكن للزوار، على سبيل المثال، مشاهدة الأعمال وخوض تجربة التجمعات الحية باعتبارها فرضية معاكسة ومحتملة لأحلام ومستقبل بديل، وزائل، ومرعب.

المشاركة مع صديق

Insert text here

تركيب فني من معرض صوفيا الماريا: العلاج بالتأمل العمالة غير المرئية الذي يُقام في متحف: المتحف العربي للفن الحديث من 16 سبتمبر 2022 – 21 يناير 2023. صورة:علي الأنصاري، بإذن من متاحف قطر ©2022

يُركّز معرض "صوفيا الماريا: العلاج بالتأمل العمالة غير المرئية" على الحلم كمنهجية للتعامل مع التاريخ الشخصي والمُتنازع عليه لمفهوم العمل، وكيف تُرجمت هذه العلاقة للعمالة المستهلكة في الخليج حتى وقتنا هذا. وفي المقام الأول، تأتي أهمية سرد القصص والسرد التأملي كاستراتيجيات للبقاء والخيال واستعادة المستقبل.

يُعد المعرض دعوة للزوار للتساؤل كيف يمكن للأحلام أن تصبح الهواء الذي يتنفسه المجتمع وما يساعدنا في تخطي الفترات الصعبة.

هل يُمكن أن يُصبح الحلم حافزاً لرؤية ما الذي سيحل بنا بعد محنتنا؟ ما مدى تأثير الأحلام؟ أين نجد مساحة تحقيق الذات؟ تتخلل هذه الأسئلة والعديد غيرها عبر صالات المعرض. بمعنى آخر، شكل عنوان المعرض المكتوب إشارة صريحة للحوار بين هذا المعرض والفيلم القصير للمخرج الأميركي من أصول إفريقية بيرنارد نيكولاس عام 1977، بعنوان العلاج بالتأمل، والذي يعرض كيف تشكل عدم المساواة العالمية ملامح تاريخنا العمالي وأحلامنا.

بالعمل مع المتعاونين القدامى والجدد (المصور أبارنا جاياكومار، وفنان الصوت جو نامي، والموسيقي كلسي لو والعديد من المساهمين الآخرين المذكورين في العمل الفني أعلاه بعنوان "شكر خاص لـ ". تحول صوفيا الماريا المعرض إلى مساحة للقصص المركبة والشاعرية، والخيالية والحقيقية – تبني جسراً بين حاضر وماضي ومستقبل الدوحة في قطر. مدينة تشمل العديد من الفصول التاريخية والجيوسياسية لهجرة الأيادي العاملة إليها والتي يستمر مستقبلها وماضيها بالتغير.

كونها موظفة سابقة في متحف، تعود صوفيا من خلال هذا المعرض إلى زمنٍ كانت تحلم فيه أن تكون فنانة ولكن لم يكن لديها الإمكانيات أو الوسائل للقيام بذلك. من خلال التركيز على قصص الأشخاص الذين لا يستطيعون أيضاً اعتبار أنفسهم فنانين أو رواة قصص أو شعراء أو حالمين، يصبح العلاج بالتأمل دعوة وصرخة يتردد صداها مع أولئك الذين يحلمون بتحقيق أحلامهم.

على الرغم من هذا كله، تأمل صوفيا أيضاً أن تساعد في رؤية مستقبل أفضل وأكثر إنصافاً للجميع من خلال الحديث عما نسعى وراء تحقيقه. حيث يُبرز المعرض دور الأحلام والحالمين "المُتأملين" المهم حتى ولو بدا هذا الدور بسيطاً. والآن، عندما نتساءل كيف يمكن أن يكون الحلم حافزاً لإحياء أشكال التضامن الجذري من خلال الاختلافات، علينا أن نتجاوز المفهوم المتعارف عليه للتضامن دون التركيز على امتيازاتنا ومعاناتنا.

أولاً نرتاح، ثم نحلم. التوقف عن الحلم يعني التوقف عن النمو.

صوفيا الماريا

رسالة الفنانة

"أيها الملاك، رأيتك في منامي، كنا في صحراء، ضائعين، كان عليك أن تتوقف لتستريح، تحت رأسك النائم، رأيت آثار منزلنا. ما ظنناه يوماً مستقبلنا. نظرت إلى الأفق خلف شهيق وزفير أنفاسك، ورأيت ظلاً صغيراً فوق كتفك يُشبه العَلَمْ الصغير الذي يرفرف بسبب ريح قادمة من جهة أخرى. ما رأيته كان أجمل مما أستطيع أن أصفه. كان حلمك جزءاً من داخل حلمي أشبه بمنظرٍ من نافذة. كنا لم نحلق بعد، ولكن المنظر كان أكثر إثارة وأروع مما نراه من أعلى الأبراج التي تنظفها. وأخيراً، استلمت جواز سفري. لدي تذكرة أعود بها إلى الوطن. لن أكون هنا غداً. أتمنى أن يتحقق كل ما رأيته من خلالك. أتمنى أن تزهر في حياتك اليقظة كما جعلتني أزهر في الليلة الماضية. مع حبي، غريس"

رسالة من عامل أجنبي يُدعى غريس وهو عامل بناء في المارينا (فيلم روائي لم يتم عرضه بعد في الخليج).

أعتقد أن الحلم هو حق إنساني، ممرٌ للعبور بين الحاضر والمستقبل. وعلى الرغم من أن الرحلات الليلية قد تخط طريقها في حياتي، سواء كنت أدرك ذلك أم لا، فلا أعتقد أن الأحلام تمنحنا خريطة نتنقل بها، أعتقد أنها بلاد مستقلة لا يمكن اقتفاؤها، حتى الحالم لا يستطيع السيطرة على "بلاد الأحلام" تلك، كونها وسيلة مركبة لمعالجة الواقع الذي نعيشه عندما نستيقظ. ولهذا السبب، يجب حماية الأحلام وتكريمها كونها إحدى المساحات القليلة وغير المكلفة للتطور والتجدد والتعافي التي تركها البشر. ومع ذلك، فإن الوصول إلى "بلاد الأحلام" يتطلب موارد. هذه الموارد بمثابة بوابات تُفتح وتدخلنا "بلاد الأحلام" ولكن للدخول إليها نحتاج إلى النوم أولاً. مع الأسف، بالنسبة للكثيرين منا،

يُعد النوم رفاهية لا يمكنهم الحصول عليه. خاصة بالنسبة لأولئك الذين تُعد أعمالهم الأكثر ضرورة على وجه الأرض، وأجورهم هي الأقل في الوقت ذاته. عندما تتطلب وظيفتك أن تعمل بنظام المناوبات المرهقة في المستشفى أو بوظيفة في مجالات عالية الخطورة كشخصية الـ "ملاك" الخيالية التي توجه له الرسالة أعلاه – يكون الوصول للراحة الكافية التي تسمح لك بالحلم أشبه بالمستحيل.

يقول أدريان ماري براون (وغيره ممن سبقوه وعقبوه) إن توفير الوقت للراحة على الرغم من ضغط العمل هو أمرٌ في غاية الأهمية، خاصة في الوقت الذي تعود به عجلة العالم إلى الدوران بعد التعطّل الذي سببه الوباء. خلال فترة الإغلاق التي استمرت لأربعة أشهر، كنت بمفردي في غرفة صغيرة - لم أستطع النوم. عشت في حالة قلق مستمر. وفي إحدى الليالي، وجدت فيلم للمخرج بيرنارد نيكولاس، بعنوان العلاج بالتأمل، في منصة مشاركة الملفات على غوغل درايف، للأفلام النادرة. لا أعرف من قام بتحميل هذا الملف ولكن أياً كان: شكراً لك. كان الملف الذي يحمل اسم "هذا الضوء" قانوناً للخدمة العامة خلال تلك الأشهر. العديد من الأفلام التي وجدتها كانت إما خاضعة للرقابة في الولايات المتحدة أو تم تجاهلها بسبب حذفها والإهمال. في هذا الفيلم، تأمل عاملة فندق من أصول إفريقية من رد الصاع صاعين لمديرها. يتضح ما الذي يشفي غليلها في نهاية الفيلم. فعند انتهاء فترة استراحتها، تقف، وتقرر أن تتغير إلى الأبد. تضحي بوظيفتها في سبيل الحصول على حقوقها. ألهمني هذا الفيلم للبدء بالتأمل. بعد مرور عامين، أشعر بأن هذا المعرض بمثابة فرصة للحداد على النوم المفقود والأحلام التي ضاعت معه. نحن نعيش في واقع غير متناسق غير عادل وربما لم يكن يوماً عادلاً. خاب ظننا بالنظام التاريخي للرأسمالية العنصرية غير المتجانسة التي أوصلتنا لما نحن عليه اليوم، وأشارت عقارب الساعة إلى فوات الأوان. وأسأل نفسي طوال الوقت، والآن إلى أين نتوجه من هُنا؟

أولاً نرتاح، ثم نحلم. التوقف عن الحلم يعني التوقف عن النمو. النمو هو التغيير، والتوقف عن التغيير هو الموت والإنتروبيا هي تكهُّنات تحقق ذاتها. يلائم معرض "صوفيا الماريا: العلاج بالتأمل العمالة غير المرئية" العمالة غير المرئية الممارسات المتّبعة في بناء العالم ذات المصير الواضح والمستخدمة لاستعمار العالم، والتي تعتبر التأمل أداة يمكن لأي شخص نشرها. في لعبة كرة القدم، تحتاج فقط لشيء واحد: وهو الكرة. في حالتنا، كل ما يحتاجه أي شخص مشارك في ورش عمل التأمل هو قلم حبر. آمل أن تنضم إلينا في الحلم والتخيل والمضي قدماً نحو أحلامك. أما حلمي أنا، فهو أن نتحرر جميعاً.

صوفيا.. بكل صدق، وتواضع، وأمل.