"وفاء الحمد: جغرافيا الخيال" هو أول معرض فردي مخصص للفنانة احتفاءً بمسيرتها كمعلمة وفنانة ذات رؤية مستقبلية. يقدم المعرض نبذه عن رحلتها الإبداعية وإرثها الفني٬ كما يتناول دورها الذي لم يُسلَّط عليه الضوء بشكل كافٍ في تاريخ الفن القطري الحديث، مُقدّماً رؤى جديدة حول مساهماتها الفنية.
جغرافيا الخيال: تفاصيل إضافية عن المعرض
ينقسم معرض وفاء الحمد: جغرافيا الخيال إلى ثلاثة أقسام حسب الموضوع. يركز كل منها على أعمال وفاء الحمد عبر وسائل وفترات زمنية مختلفة، مستمدة من مصادر إلهام متنوعة.
تنطلق البدايات الفنية لوفاء الحمد من لغة التجريد، ليس كأسلوب بصري فحسب، بل كفضاء مفاهيمي يتجاوز التصورات التقليدية. انعكست هذه الرؤية في أبحاثها التي شدّدت من خلالها على دمج التكنولوجيا بالفن، سعياً لاستكشاف آفاق جديدة للتفاعل مع العالم. ويأتي هذا التوجه متسقاً مع قناعتها بأن أعمالها ينبغي أن "تخطو نحو المستقبل" عبر التصميم وفنون الكمبيوتر لاحقاً، مع إبقاء الفن الإسلامي في صميم رؤيتها. رأت في هذا العالم مستويات متعددة تمزج بين التجربة الذاتية، والواقع، والعوالم المتخيلة.
في سنواتها التأسيسية في المرسم الحر، تأثرت الحمد بالانطباعية والسريالية، اللتين تركتا بصمة واضحة على أعمالها المبكرة. كما استلهمت من فنون الأرابيسك تحت إشراف مجموعة من فناني المرسم، ومن بينهم الفنانة ليلى علام. أعادت الحمد تخيّل هذه الزخارف وصاغت رؤيتها الخاصة للتصميم الإسلامي بألوان حالمة نابضة بالحياة. وقد استلهمت في ذلك نظريات فاسيلي كاندينسكي في الألوان، والخداع البصري لفيكتور فاساريلي لتبتكر لغة فنية فريدة خاصة بها.
معابر الداخل
تشكل الأبعاد الروحانية والحميمية جوهر أعمال وفاء الحمد، إذ يتعمق هذا القسم في استكشاف هذه الجوانب، وتعكس أعمالها ارتباطها العميق بالثقافة القطرية والخليجية، متجذرة في استكشافها للمحلي، سواء على مستوى الذات أو الأرض. كما تتقصّى كيف تشكل الموروثات الثقافية وتوجيهات الحياة المعاصرة، وتستلهم في أعمالها أنماطاً من التراث الإسلامي والأندلسي، مع تركيز خاص على تفاصيل الأبواب والزخارف المستوحاة من الإرث الثقافي. تصبح الأشكال المعمارية والمناظر الطبيعية المجردة بوابات إلى عوالم روحية وذاتية، يعيد استخدامها النابض بالحياة للألوان ونهجها التجريبي صياغة مفهوم التقاليد. من خلال مقاربتها المنفتحة للتراث، تتحدى الحمد فكرة التقاليد ككيان ثابت، لتخلق تعبيرات مرنة وحميمة عن الهوية.
جذور في الحداثات العربية: مختارات من مجموعة متحف
ترتبط أعمال وفاء الحمد بشبكة أوسع من الفنانين والفنانات العربيات. من خلال وضع الحمد في هذا السياق الأوسع، يحتفي المعرض بدورها المحوري في الحداثة الخليجية مع التأكيد على صداها داخل الحركات الفنية العربية. يستكشف المعرض أعمال فنانات من المجموعة الدائمة، مع التركيز على ارتباطهن العميق بالأرض والمجتمع والروحانية والتجريد باعتبارها من أسس الفن التشكيلي العربي. قامت هؤلاء الفنانات بصياغة واستعادة هذه الأشكال التعبيرية مع توثيق عوالمهن من السياسي إلى الشخصي. كما ابتكرن أنماطاً فنية جديدة، مثل أعمال مديحة عمر الرائدة في فن الحروفية وابتكارات سامية حلبي في الفن الحركي والتجريد. كما استكشفت فنانات أخريات، مثل بلقيس فخرو ووفيقة سلطان العيسى وثريا البقصمي، أساليب التجريد الغنائي والتجريب في فن الحروفية، حيث مزجن بين التأثيرات الإقليمية والجماليات المعاصرة. وتعكس أعمالهن ارتباطاً عميقاً بالذاكرة والهوية، مساهِمات في تطوير لغة بصرية متجددة للفن العربي.