tbc

داوود قرم

بقلم سارة روجرز

Daoud Corm

داوود قرم

مولود في 26 يونيو 1852 في غسطا، لبنان

متوفّى في عام 1930 في بيروت، لبنان

المشاركة مع صديق

نبذة

أظهر الفنان اللبناني داوود قرم (1852–1930) باكراً موهبة لافتة قادته إلى الإرشاد من قبل اليسوعيين. درس في روما وبلجيكا لصقل مهاراته. أسّس قرم نفسه في بيروت، وأصبح رساماً بارزاً لنخبة المجتمع، بمن فيها الشخصيتين القياديتين في "النهضة" بطرس البستاني والبابا بيوس التاسع. ووسّع تأثيره من خلال الرسم عند الطلب في مصر وبلجيكا. لعب عمل قرم دوراً جوهريّاً في تطوير سوق محليّة للوحات الزيتيّة، كانت تهيمن عليها سابقاً الشخصيّات الدينيّة. كما افتتح متجراً للمستلزمات الفنية، ما عزّز الإسهامات الفنيّة في بيروت. عرض قرم أعماله دولياً، وحصل على جوائز مثل "وسام التميّز" في المعرض العالمي لعام 1900 في باريس.

السيرة الذاتية

ولد قرم في غوسطا في جبل لبنان، ثم استقر مع عائلته بعد ذلك بوقت قصير في قرية والدته في غزير. يمكن تأريخ بداياته كفنان منذ العام 1861، عندما اكتشف اثنان من الكهنة من الكنيسة اليسوعية الإيطالية رسومه على بعض الصخور. ووفقاً للحكاية، فإنهما قد ظنّا بأن الطيور ثلاثية الأبعاد التي رسمها الصبي اليافع واقعية. فُتن الكاهنان بموهبة قرم الطبيعية، وعرضا عليه أن يعلّم الرسم في المدرسة اليسوعيّة التبشيريّة المحلية مقابل دروس في اللغة الإيطاليّة. وبعد حوالي عقد من التدريس، في نهاية الستينيات من القرن التاسع عشر، تمكنّ قرم من بيع عدّة لوحات إلى الكنيسة المارونيّة في جبل لبنان ليدفع بثمنها سعر بطاقة سفر إلى روما وليدرس في "أكاديمية سان لوكا" على يد الفنان روبرتو بومبياني (1821–1908).

عام 1878، اختار قرم الاستقرار في بيروت. كانت المدينة حينها جزءاً من الإمبراطورية العثمانية، وقد شهدت تبدّلات جذريّة خلال العقد السالف حيث برزت كمركز تجاريّ وسياسيّ وثقافيّ في المنطقة. وبالإضافة إلى الطفرة السكانية التي أعقبت الحرب الأهلية عام 1860 في جبل لبنان، شهدت بيروت نموّاً كبيراً بفضل العديد من مشاريع البنية التحتيّة المموّلة برعاية مشتركة من قبل الحكومة العثمانية والحكومات الأوروبيّة. وعليه، انتقل عدد كبير من العائلات إلى بيروت من حلب ودمشق وطرابلس وعكّا وصيدا وجبل لبنان للانضمام إلى مجتمع متنامٍ من عائلات التجار الدمشقيين. وضمن هذه الطبقة الناشئة والصاعدة والنشطة من التجار والمثقفين والسياسيّين المعروفين تاريخياً باسم "رجال النهضة"، استطاع قرم أن يبني قاعدته من الزبائن.

رسم قرم نخب المجتمع في بيروت باستخدام الزيت على القماش بشكل أساسيّ، إلى جانب الباستيل على الورق، وذلك بأسلوبه الخاص: بورتريهات تشخيصيّة بسيطة، تظهر ثلاثة أرباع الطول على خلفية داكنة، مع إبراز المكانة الاجتماعيّة والمهنيّة للشخصية. استند عمل قرم من عدة نواحٍ على تقليد سائد من قبل للرسوم الشخصية في اللوحات الزيتيّة والصور الفوتوغرافية على حد سواء، وكان هذا التقليد شائعاً بين الطبقة المتوسّطة المتنامية ذلك الوقت. لعلّ أكثر رسوم قرم شهرة بورتريه لبطرس البستاني (1894)، وآخر للبابا بيوس التاسع (أوائل السبعينيات).

لم يقتصر عمل قرم على زبائنه في بيروت وجبل لبنان، فقبل أن يؤسّس محترفه هناك، قضى فترة في بلجيكا إثر تكليفه من قبل ليوبولد الثاني برسم أفراد الأسرة المالكة. كما سافر عام 1887 إلى الإسكندرية ليرسم القادة الزعماء هناك وكذلك بعض الوجهاء. ثم دعاه الخديوي عباس الثاني سنة 1894 إلى مصر من جديد لإنجاز رسم شخصي له.

بالإضافة إلى البورتريهات، أنجز قرم مجموعة كبيرة من اللوحات الدينيّة، كان معظمها بتكلفة من الكنيسة المارونيّة، وما يزال العديد منها في كنائس جبل لبنان. ويذكر أن الرسوم الزيتيّة كانت قبل قرم من اختصاص رجال الكنيسة الذين كانوا يتتلمذون على أيدي المبشّرين الإيطاليين ورجال الدين من كليّة روما المارونية والتي تأسست عام 1584 لتوطيد أواصر العلاقات بين الفاتيكان والمجتمعات المسيحيّة في المنطقة. من بين هؤلاء الكهنة – الرسامين، كما أصحبوا يعرفون، نذكر موسى ديب (1977– 1826)، الذي درس في كليّة روما المارونيّة، وابن أخيه كنعان ديب (1801– 1882) الذي تدرب مع قرم على يد الرسام الإيطاليّ كونستانتين جوستي (متوفّى عام 1873)، وهو رسام إيطاليّ قدم إلى لبنان مع المجموعة التبشيرية اليسوعية عام 1831. وهكذا، رغم أن أسلوب قرم الأكاديميّ ربما كان عتيقاً بالنسبة إلى أوروبا، فإنّ أهميته تكمن في تأسيسه سوقاً محلية للبورتريهات الزيتية التي كانت في السابق حكراً على الشخصيّات الدينيّة. من ناحية أخرى، تشير الأعمال من نوع الطبيعة الصامتة والمناظر الطبيعية والأسلوب النمطي بين أعماله على وجود طلب خاص على اللوحات الزيتية والرسوم على الورق.

في عام 1912، وسّع قرم مشروعه الفني وساهم بتوسيع جمهوره عندما افتتح "بيت الفنّ"، وهو عبارة عن متجر للمستلزمات الفنية بالقرب من دائرة بريد بيروت. أظهر النجاح التجاريّ الذي حققه هذا المتجر اهتمام الجمهور المتزايد بالفن، ليس على صعيد مشاهدة الأعمال الفنيّة فحسب، بل في مجال صناعة الفن أيضاً.​

عرضَ قرم أعماله في الخارج، في مصر وأوروبا، ولا سيما في معرض فرساي لعام 1889 في فرنسا، وكذلك في معرض باريس 1990 حيث حاز على جائزة الشرف للتميّز. وشكل حصوله على وسام الاستحقاق اللبناني و"وسام المجد" العثماني اعترافاً إضافياً بمكانته. توفي قرم عام 1930.

معارض مختارة

معارض جماعية

1900

المعرض العالمي لعام 1900 في باريس، فرنسا

1889

معرض فرساي، فرنسا

كلمات مفتاحية

الفن اللبناني الحديث، رسامو النهضة، اللوحات الدينية المسيحية، الطبيعة الصامتة، الرسم الأكاديمي.

المراجع

فاني، ميشيل، قاموس فن الرسم في لبنان، باريس: منشورات إيسكاليه، 1998.

لحود، إدوار، الفن المعاصر في لبنان، بيروت: دار المشرق، 1974.

لبنان: رؤية الفنان، 2000 عام من الرسم اللبناني، لندن: كوارتيت، 1989.

عزيز سلطان، مها، رواد نهضة الفن التشكيلي في لبنان: قرم وسرور وصليبي، بيروت: جامعة الكسليك، 2006.

روجرز، سارة، Daoud Corm, Cosmopolitan Nationalism, and the Origins of Lebanese Modern Art، مجلة الدراسات العربية، الإنجليزية، المجلد 18، العدد 1 (ربيع 2010) 46-77.

مراجع إضافية

شاهين، ريشار، مائة عام من الفنون التشكيلية في لبنان، 1880 ـ 1980، المجلدان 1 و2، بيروت: غاليري شاهين، 1980.

نيف، سيلفيا، بحثاً عن حداثة عربية: تطور الفنون التشكيلية في مصر ولبنان والعراق، جنيف: سلاتكين، 1996.

شبوط، ندى، Modern Arab Art: Formation of Arab Aesthetics، غرينسفيل: مطبعة جامعة فلوريدا، 2007

شايد، كيرستين، Painters, Picture-Makers, and Lebanon: Ambiguous Identities in an Unsettled State، أطروحة دكتوراه، جامعة برينستون، 2005

شيهي، ستيفن، تاريخ اجتماعي لبدايات التصوير الفوتوغرافي، المجلة الدولية للدراسات شرق الأوسطية، المجلد 39، العدد 2 (أيار/ مايو 2007)، 177-208

محاسب، نادين، داود قرم، 1852–1930. بيروت: غاليري بخازي، 1998

تومب، ماري، The Portrait of a Country: Painters, the Art World, and the Invention of Lebanon, 1880-1943، أطروحة دكتوراة، كلية الدراسات الشرقية والإفريقية، جامعة لندن، 2017