tbc

حسن شريف

بقلم لورا بارلو

Hassan Sharif

حسن شريف

مولود في 1 يناير 1951 في دبي في الأمارات العربيّة المتحدّة

متوفى فيها في 18 سبتمبر 2016

المشاركة مع صديق

نبذة

كان حسن شريف فناناً مفاهيمياً إماراتياً بارزاً ، و رائداً في لغات بصرية جديدة ونقاشات مجتمعيّة نقدية على مدار أربعين عاماً من مسيرته المهنية. عمل بوسائط متعددة، مبتكراً أعمالاً ضخمة من أشياء مجمعة من العناصر اليومية، ورسوم «semi-systems (أشباه النُظُم) » التي بنيت على الصدفة والمنطق، وعروضاً أدائية. حددت ممارسته الفنية، بما فيها سلسلة «كتب وصناديق» ولوحاته، لغة مفاهيمية أصليّة في الإمارات العربية المتحدة مع الانخراط في تاريخ الفن الدولي. كان شريف معلّماً وموجهاً وكاتباً ومترجماً محورياً. شاركَ في تأسيس جمعية الإمارات للفنون الجميلة وأنشأ مجلة الفنون الدورية «التشكيل»، ما عزّز الخطاب النقدي. تضمنت منهجيته من «أشباه النُظُم»، التي تجسدت في أعمال مثل «White Files»، التكرار والعمليات المنهجية، وتفكيك الممارسات الاجتماعية وتاريخ الفن. باستخدام المواد الجاهزة، انتقدت سلسلته الشهيرة «الأشياء» بطريقةٍ مرحة الاستهلاكيةَ والإنتاج الفنيّ. ربطت أداءات شريف وكتاباته بين السياقات الفنيّة المحليّة والعالميّة، ما ساهمَ بشكل عميق في بناء المشهد الفنيّ في الإمارات العربية المتحدة وعزّز قدرة الفن على التغيير.

السيرة الذاتية

كان حسن شريف من أبرز الفنانين المفاهيميّن في دول الخليج العربي في أواخر القرن العشرين. لقد شغل دورَ الفنان بينما كان يخطّ لغات بصريّة جديدة وينشر مناقشات نقديّة حول النسيج السياسي والاقتصادي والثقافي للمجتمع. كان شريف متعدد الوسائط خلال مسيرته المهنيّة على مدار أربعين عاماً. لقد ركّب ضمن أكوامٍ ضخمة، وضعت على الأرض أو عُلّقت على الجدار، مجموعات من أشياء يوميّة مصنّعة أو تم العثور عليها، ونفّذ رسوماً ضمن ما سمّاه "semi–systems" (أشباه النُظُم) اختبرت الصدفة والمنطق، وقام بإجراءات وأداءات عن حركات الجسد المنتظمة، ونفّذ سلسلة تحت عنوان "كتب وصناديق" (books and boxes) ولوحات ومنحوتات خارجيّة. بمخاطبته تاريخ الفن العالمي وقراءته متعددة الأوجه للمعاصرة، وضعَ شريف لغةً مفاهيميّة أصيلة في الإمارات العربيّة المتحدة. لقد أثّر دوره التربوي كمدرّس ومرشد وكاتب ومترجم لنصوص عن الفن والثقافة والسياسة في ممارسته. وبذلك، نقل عمل شريف الإيمان بقدرة الفن الفاعلة في التغيير بوصفه ممارسة للالتزام النقدي بين الفرد والمجتمع.

نشأ شريف، الابن الثالث في عائلته، في حي الرفاعة في دبي. اتضّحت مهاراته في الرسم مبكراً أثناء دراسته في مدرسة "الشعب" في دبي في ستينيات القرن الماضي. بحلول السبعينيات، كان شريف ينشر بانتظام رسوماً كاريكاتورية ساخرة في الصحف والمجلات المحليّة مثل مجلة "نادي النصر الرياضي" و"أخبار دبي"، معبّراً بشكل فكاهيّ ولاذع عن قضايا سياسية واجتماعية. غادر شريف عام 1979 إلى المملكة المتحدة لدراسة الفنون الجميلة. أتمّ عاماً تأسيسياً في ليمينغتون سبا وتخرّج عام 1984 من مدرسة بيام شو للفنون في لندن (والتي ضُمّت لاحقاً في عام 2003 إلى كلية سنترال سانت مارتينز للفنون والتصميم). خلال دراسته وفي أوائل الثمانينيات، وضعَ شريف أساليب عمل توظّف مفاهيم التكرار والاستمراريّة والصدفة، والتي عرّفها باسم "semi–systems" (أشباه النُظُم)، وذلك بعد تجربته مع "فن النُظُم" Systems Art أثناء دراساته مع البروفيسور تام جيلز. قام بتطبيق أنظمة رياضية متغيرة وأنماط الأنساق العشوائية على البُنى العددية واللغوية والحركات الجسدية اليومية في مشاريع نُفّذت سواء على الورق أو كعروض أدائيّة في شوارع لندن، أو في صحاري وضواحي دبي في وقتٍ لاحق. قدّمَت تطبيقات "أشباه النُظُم" تلك لغةً بصريّة ومنهجيّةَ لنتاج أوسّسَ على شبكة واسعة من الأشكال والوسائط المتّصلة التي صنعها الفنان على امتداد مسيرته المهنية، والتي فكّكت وأعادت تركيب الممارسات والطقوس الاجتماعية وأساليب الإنتاج وتواريخ الفن بما في ذلك وقائع التعبيرية التجريدية وفن النُظُم وحركة فلوكسوس.

كانت "أشباه النُظُم" بالنسبة لشريف نشاطاً طقوسيّاً مُورسَ بشكل متكرّر، أو ربما يومياً. إن عَمل White Files (1981–1986) هو أبرز أقسام تلك المجموعة، وهو عبارة عن كتالوج لإجراءات قام بها على مدار خمس سنوات، جُمعت معاً في مجلّدين كبيرين مصنَعَين يدوياً من القماش والورق المقوّى. قُدّم للمرّة الأولى عام 1984 كمجموعة أعمال في مجلّد واحد وذلك خلال معرض أطروحته الجامعية في لندن. استمرّ العمل في التنامي، حتى تمّ في النهاية إدراج ملفّ ثانٍ لاستيعاب التوثيق الإضافي للمشاريع لدى عودته إلى دبي.

كانت عمليّة الصُنع في تلك المجموعات عنصراً جليّاً وجوهريّاً وَجبت مشاركته مع الجمهور. تألّف كلّ "نظام" من مجموعة فريدة من الأرقام المكتوبة ضمن شبكات بقلم الرصاص. طبّق الفنان منطقاً معيّناً لكل نظام ومجموعة من الأرقام، ثم بقلمه قادَ مساراً لوصل الأرقام والنقاط بالعلامات الخطيّة، ما أنشأ نمطاً جديداً. أصبحت الأشكال الهندسية التجريدية الناتجة مسوداتٍ تحوّلت بدورها فيما بعد إلى لوحات على القماش أو روليفات جداريّة خشبية ثلاثية الأبعاد.

احتوى White Files أيضاً على مواد من عروض أدائية وقتيّة في شوارع المملكة المتحدة والمناطق الصحراوية المحيطة بدبي، والتي وثّقت مساهمة شريف في الحركات العالمية الكبرى لفن الأداء وفن الأرض. وفيها نفّذ الفنان حركات روتينية انفعاليّة دمجت أفعالاً وأشياء يومية وإعدادات مكتوبة وأنظمة تعليمات المفروضة. في أحدها يُعقدُ حبلٌ، وفي آخر تُلقى الحجارة. لم تكن هذه العروض مفتوحة للجمهور، بل حضرها عدد قليل من الوسطاء، بمن فيهم شقيق الفنان. لقد أصبح التوثيق الفوتوغرافي والمكتوب لتلك الإجراءات هو العمل بحد ذاته، ما زعزعَ المبادئ التقليدية المتعلقة بالاستمراريّة والديمومة في الاتجاهات الطقوسيّة للممارسات الثقافية. كانت هذه العروض التي تعود إلى أوائل الثمانينيات من الأولى من نوعها في منطقة الخليج. أتت أهميّتها لأنها دمجت السياقَين الفنيَين في الإمارات العربية المتحدة ولندن، واستقدمت إلى المجتمع الفني المحلي في الإمارات منظوراً جديداً للفن المعاصر.

لعبَ شريف دوراً أساسياً في تطوير الممارسات الفنية والتفكير النقدي في المنطقة من خلال التعاون طويل الأمد مع أقرانه وتوجيه الفنانين الشباب. عمل شريف بدءاً من عام 1975 في وزارة الشباب والرياضة (التي أصبحت عام 1976 وزارة التربية والتعليم)، وهو المنصب الذي استمرّ فيه بعد عودته من الدراسة في المملكة المتحدة، والذي أدار من خلاله الصفّ الفني "ورش عمل الشباب في دبي". كما لعبَ شريف دوراً رئيسياً في تأسيس جمعية الإمارات للفنون التشكيلية عام 1980، وهي هيئة عُرفت بتصدّر التجريب الثقافي في المنطقة. كذلك أنشأ شريف عام 1984 دوريّة "التشكيل"، دوريّة فنيّة رفدَت المجتمع الفنيّ بمصدر تعليمي وبمنبر للخطاب النقدي. لاحقاً، أفضى تعاونه مع الفنانَين نجوم الغانم وخالد البدور وآخرين إلى إنشاء مساحة فنية تجريبية هي أتوليه المريجة للفن في الشارقة (1984–1985). وُفِِّرَت هذه المساحة من قبل دائرة الثقافة بالشارقة حيث نظّمت مجموعة الفنانين فيها معارض ومداخلات مستقلّة مثل "معرض اليوم الواحد" عام 1984. كذلك قادَ تعاون شريف مع أقرانه نجوم الغانم وخالد البدور ويوسف خليل إلى تشكيل "مجموعة أقواس" التي عرفت بمعرضهم الجماعي العفوي في سوق الشارقة المركزي عام 1985. في ذلك الوقت من الثمانينيات، أخذت علاقاته مع الفنانين محمد كاظم ومحمد أحمد إبراهيم وحسين شريف وعبد الله السعدي تتوطد، وتشكّلت بينهم صلات مديدة. لقد وسّع عملهم الجماعي والمستقلّ حدود المشهد الثقافي في دولة الإمارات العربية المتحدة. شارك العديد من هذه المجموعة في المساحة الفنية المستقلة "البيت الطائر The Flying House"، التي تأسّست في دبي عام 2007، والتي قدّمت ودعمت الإنتاج الفني المحليّ. مثّل توجيه شريف لمحمد كاظم واحداً من أقوى العلاقات في سياق الفن الحديث في الإمارات العربية المتحدة، وأوضح التزام شريف بدعم الفنانين المعاصرين الناشئين. لقد استمر هذا الالتزام ببناء المعرفة الجماعية، وتسهيل التعلّم والتعبير الإبداعي، طوال حياته المهنية، من خلال كتابة وترجمة النصوص حول الفن والثقافة، والتي تم نشر الكثير منها في "التشكيل". منذ بدايات الثمانينيات، نشر شريف تلك الكتابات باللغة العربية في صحيفتي الخليج والبيان، حيث وضع وجهة نظره ووجهات نظر أقرانه في خطاب عالميّ حول الفن البصري المتعلق بالموسيقى والفلسفة والأدب في فنون القرن العشرين.

في عام 1985 بدأ شريف بصنع "أشيائه" البارعة التي قد تكون الأكثر شهرة من أعماله، والتي تكوّنت من أشكال مفردة متعددة تم تصنيعها بدايةً من ألياف طبيعية مركبة من الحبال والورق والقماش قُطّعت مراراً وتكراراً وأُعيد نسجها وفق عملية عفويّة. لقد تحوّلت الأشياء المعاد تشكيلها والمشتقة من الحياة اليوميّة. أصبحَ الورق المسحوق المضغوط حول القماش حلوى مغلّفة بالألوان "القماش والورق والغراءCloth, paper and glue" 1987، وتحوّل الورق المكدّس إلى أرغفة من الخبز أو الكعك، أو إلى ركام بناء "الورق والغراء Paper and glue" 1986. انطوت عملية البناء والهدم هذه على تناقض متعمّد على حدّ تعبير حسن شريف، أوضحه عندما صرّحَ: "أتساءل في نفسي، إذا كان القصد هو القطع فلماذا الربط؟ وإذا كان الغرض هو الربط فلماذا القطع؟ أحبّ هذا النوع من التناقضات. إنّه إجراء لشيء ما، إجراء جميل.1". واجهت هذه الأعمال بدهاء التواطؤ الماديّ واللاماديّ للمجتمع مع السلع والصناعة، وسخرت من إنتاج الفن والثقافة. انطبق هذا أيضاً على سلسلة الكتب والصناديق التي بدأ بها في الثمانينيات، وعادت إلى الظهور في التسعينيات والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. منذ أواخر الثمانينيات وحتى وفاته، صنعَ شريف تكوينات بشكل أساسيّ من المواد البلاستيكية والمعدنية المُتحصّل عليها محلياً في دبي، وخاصة من السوق. لقد استخدم الأحذية والحقائب وأدوات المطبخ بما في ذلك أوعية الطعام والملاعق المعدنيّة. وفي وقت لاحق في التسعينيات وبدايات الألفيّة الثانية، كوّنَ الأشياء وعلّقها من السقف أو على الحائط. استُخدم كل من الألومنيوم والنحاس مراراً كمواد أساسيّة في التكوينات وفي أعمال الجدران، ومثّلَ وجودهما إشارة إلى الإمكانيّات الاقتصادية للفنان حتى يستثمر في هكذا مواد. صُنعت بعض الأعمال من الحديد وكان من المقرر تركيبها في فضاءٍ خارجيّ. إنّ وضع هذه الأعمال تحت تأثير العوامل الطبيعيّة، حيث يكون تدهورها حتميّاً، كان إجراءً متعمّداَ، جعل احتماليّة صنعها بمواد أكثر تكلفة محدودةً. من خلال اللعب على القيمة الاستخدامية للأشياء المألوفة، والوقت المستثمر في الإنتاج، اعتمدت هذه الأعمال التي أبدعها طوال حياته المهنية على التقاليد الفنية التاريخية لما يطلق عليه readymade (المسبق الصنع) ومصنوعات خطوط الإنتاج، بينما كانت تتلاعب بطقوس الإنتاج والاستهلاك الضخم.

على الرغم من إنتاج شريف أعمالاً مفاهيمية مبنية من الأشياء الجاهزة على مدار عقود عديدة، ظلّ الرسم عملية هامّة بالنسبة إليه. لقد وثّق من خلال الرسم المشاهد من حوله، بما في ذلك الأشياء اليوميّة وأدوات العمل والملاحظات حول البيئة الطبيعية. الطبيعة الصامتة ورسم الأشخاص، بالإضافة إلى إعادة قراءة – أو على حدّ تعبيره، "إعادة رسم" – التعبيرية التجريدية، كانت كلّها مسارات واصل العمل عليها، عملت كصلة جليّة ومفاهيمية بين استخدامه المرِح لكل من الفكاهة والهجاء. كانت اللغة أيضاً في صلب تلك الارتباطات، خصوصاً في استخدامه القاموس الذي كان مصدراً للعديد من الصلات الصدفويّة. دفعت كلمات تم اختيارها عشوائياً من القاموس مثل الفراشة Butterfly، والأزمة الاقتصادية Economic Crisis، وقنديل البحر Jellyfish، إلى الشروع بسلسلة لوحات عديدة تبنّت تلك الكلمات العشوائية كعناوين. لقد كانت تتعلق بتحديد آليات وأنظمة القيمة الاستخدامية المترابطة في المجتمع مثل رأس المال، والجهد، والكائنات الحيّة، والجماد. تمت الإشارة إلى هذا القاموس في "White Files" (1981–1986) والمنحوتة الجدارية الكبيرة "Dictionary" (2015) والتي تكوّنت من صفحاتِ أربع نسخٍ من هذا القاموس ذاته، بما في ذلك النسخة الأصلية التي تم استخدامها في العروض المبكرة وأعمال "أشباه النُظُم".

انخراطاً في خضم تسارع نمو دولة الإمارات العربية المتحدة بعد الاستقلال عام 1971 والتحول نحو إلغاء القيود التنظيمية والتجارة الحرة الدولية، تناولت تشكيلات شريف المتنوعة وعملياته الإنتاجية التعقيدات الجديدة للبيئات الرأسمالية وعواقبها على معنى وقيمة الأشياء والأفراد. وبينما كانت تتم عرقلة التفكير التجريبي حول الفن، طالبَ شريف بلغة بصرية جديدة لإعادة تشكيل كلّ من الوسائط وتاريخ الفن. واصل في السنوات الأخيرة من حياته الدعوة إلى التفكير الثقافي التقدميّ من خلال أفعاله والكتابة والترجمة والإنتاج المتجدّد.

عرض شريف أعماله على نطاق واسع وبكثرة خلال حياته المهنية، حيث عرض مراراً في متحف الشارقة للفنون وجمعية الإمارات للفنون التشكيلية وبينالي الشارقة.

معارض مختارة

معارض فردية

2021

حسن شريف: أنا فنان العمل الواحد Hassan Sharif: I am the Single Work Artist، متحف الفن الحديث والمعاصر MAMC في سانت إتيين.

مالمو كونستال، السويد

2020

معهد KW للفن المعاصر، برلين

2018

مؤسسة الشارقة للفنون، الإمارات العربية المتحدة

2017

مؤسسة الشارقة للفنون، الإمارات العربية المتحدة

معرض استعادي كبير لأعماله في نوفمبر 2017، مؤسسة الشارقة للفنون

2016

حسن شريف: أشياء وملفات Hassan Sharif: Objects and Files، متحف: المتحف العربي للفن الحديث، الدوحة، من تنظيم لورا بارلو

2013

Hassan Sharif: Approaching Entropy, Gallery Isabelle van den Eynde, Dubai, UAE

2011

تجارب ومكونات Experiments and Objects (1979–2011)،هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث، أبو ظبي، من تنظيم كاثرين ديفيد.