السيرة الذاتية
كان الدكتور خالد الجادر مشاركاً نشطاً للغاية في حركة الفن العراقي الحديث. تولّى عدة مناصب مرموقة وانتمى إلى العديد من المؤسسات والمنظمات الفنية خلال مسيرته الفنية المتميّزة. اشتُهر الجادر بأعمال المناظر الطبيعية والمشاهد القروية المنجزة بضربات فرشاة عريضة. كان يميل إلى الانطباعية حيث تظهر أعماله العديد من مبادئها الجماليّة، غير أن استكشافه الأساليب والموضوعات تجاوز تلك التشابهات الجمالية مع الانطباعية لإنتاج ما وصفه الكاتب الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا (1919–1994) بالطابع العراقي المتمايز.
درسَ الجادر، الذي كان طالباً موهوباً، في كلية الحقوق بالتزامن مع دراسته في معهد الفنون الجميلة، وتخرج عام 1946 بشهادتين، واحدة في الفن وأخرى في القانون. سافر بعد ذلك إلى باريس بمنحة حكومية لمتابعة تحصيله في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة عام 1954 ونال شهادة الدكتوراة في تاريخ الفن الإسلامي من جامعة السوربون.
لدى عودته إلى بغداد، قبل منصب العمادة في معهد الفنون الجميلة حيث مكث عدة سنوات. في عام 1962، وتحت إشراف رئيس جامعة بغداد، أسّس أكاديمية الفنون الجميلة مع زميليه الدكتور عزيز شلال عزيز والدكتور أسعد عبد الرزاق (1923–2013)، وعمل بعد ذلك عميداً لهذه الأكاديمية. شغل أيضاً وظائف تعليميّة في كليّة الملكة علياء في بغداد بالعراق وفي جامعة الرياض في المملكة العربية السعودية. في أوائل الستينيات نشر الجادر كتاباً بعنوان "لمحات عن الفن العراقي"، تتبع فيه تاريخ الفن في العراق من العصور القديمة وحتى الحداثة. من خلال هذه الأنشطة الإدارية برهن الجادر التزامه بتطوير شكل مؤسسي للتعليم الفني في العراق والعالم العربي عموماً.
كرس الجادر نفسه كذلك لممارسته الفنية الخاصة. يتسم أسلوبه بالتناسق التام بين لوحاته بحيث إنها إذا وضعت جنباً إلى جنب، تعطي مشهداً للعراق. يعزز ضربات فرشاته الطليقة والخشنة استخدامه الألوان المتضاربة والنابضة بالحياة. أسواق الجادر وشوارعه وقراه منجزة بلطخات هائجة من الطلاءات السميكة تجعل اللوحة تنبض بطاقة كامنة. تشكل العناصر البشرية القاطنة في مشاهده بانشغالها بحياتها اليومية جزءاً من هذا الإيقاع. وهذه الحيّويّة من شأنها أن تعزز المناظر الطبيعيّة الديناميكية.
شارك الجادر في العديد من الجمعيات الفنية الهامة، بما فيها جماعة الرواد، وجماعة الانطباعيين العراقيين، وجمعية الفنانين التشكيليين العراقيين. وفي السبعينيات، كان الجادر عضواً مؤسّساً في الاتحاد العام للفنانين التشكيليين العرب، حيث شغل منصب أمين السرّ. عرض الفنان أعماله بانتظام وشارك في الكثير من المعارض الجماعية في أنحاء العالم. بما فيها مهرجان الواسطي ومعرض السنتين العربي الأول ومعارض في كل من باريس والقاهرة وبروكسل وبرلين والولايات المتحدة والهند وبولندا وروسيا. أقام أيضاً معارض فردية في بغداد (1955، 1979) وبرلين الشرقية (1956) وبراغ (1960) وبوخارست (1968) والرياض (1970). كانت أعماله مرئية على صعيد محلي ودوليّ.
يعرف خالد الجادر كرسّام بمنهجيته وقد أظهر ذلك أيضاً في مهامه الإدارية. عُرف بحرصه على تطبيق أعلى المعايير في تعاملاته مع طلابه وأعضاء هيئة التدريس. ويمكن اليوم التمتع بإبداعاته في متحف: المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة، والمتحف الوطني للفنون الجميلة في الأردن.