السيرة الذاتيّة
يُعرف الفنان الباكستاني جميل نقش بلوحات النساء والحمام والأحصنة. وُلِد نقش عام 1939 لعائلة مسلمة ثريّة في كيرانا على ضفاف نهر جومنا بالهند. كان والده عبد الباسط ملّاكاً مثقّفاً ورساماً هاوياً للمنمنمات التقليديّة، شديد الاهتمام بالشعر، والموسيقى، والرياضة، والصيد. بعد تقسيم شبه القارّة الهنديّة عام 1947، انتقل نقش إلى كراتشي مع عائلته.
التحق نقش بـمدرسة مايو للفنون في لاهور لتعلّم رسم المنمنمات مع حاجي محمد شريف (1889–1988) ودرس عنده لمدة عامين لكنه لم يتحصّل على شهادته. اعترف نقش لشريف زرعه مهارة التفصيل والتأنّي في صناعة لوحاته. بعد بضع سنوات من التدريب وبدء مسيرته الفنية، انطلقَ نقش في رحلة لزيارة مواقع تاريخية وفنيّة في جنوب آسيا. عادَ عام 1963 إلى باكستان وانضمّ إلى وكالة "لينتاس" للإعلان، حيث أثبت نفسه كمصمّم معروف. لقد عُرفَ كرسّام استثنائيّ وأظهر حدساً رائعاً لما أطلق عليه "التوازن" في التصميم. عمل نقش في مجال الإعلان لمدة عشر سنوات. كان أيضاً محرّراً مشاركاً لمجلة "سيب Seep" الأدبيّة الأورديّة، وصمّم العديد من أغلفتها شأنه شأن العديد من زملائه.
في بداية مسيرته المهنية، استكشف نقش "الرسم الطبيعي (الواقعي)" في بورتريهاته وأعمال الطبيعة الصامتة. دمج لاحقاً الطبيعيّة في التجريد، مصوّراً عاريات مبسّطات – حياديّات التعبير، قصيرات وجَسيمات – على خلفيات مقفرة لكن ذات قوام كثيف. تمنح تلك الخلفيات في لوحاته عمقاً للعنصر المصوَّر. لقد واصل نقش طوال مسيرته الفنيّة تجريب تقنيات وأساليب وموضوعات متنوّعة، إلّا أنه عُرف بنسائه ذوات العيون الواسعة والمرسومة بخطوط سوداء سميكة، رفقة الحمام والخيول. تبدو العيون والأنف والجبهة المشغولة في كلّ شكل من أشكاله الأنثوية مستلهمة من الملامح اليونانية القديمة. مع ذلك، يُظهر شعر الأشكال الأنثوية وشفاهها المكتنزة والذقن ونسب الجسد تفاعلاً مع الجماليات الهنديّة. يقوم نقش بتقسيم وإعادة تقسيم خلفيات لوحاته، هو ما يمكن اعتباره استحضاراً لتعلّمه لرسم المنمنمات الهندي أو محاكاة للاتجاهات الحداثيّة في باكستان الخمسينيات.
اختبر نقش كلّ من الألوان المائيّة والزيتيّة. للوحاته الزيتيّة قوام سميك عجينيّ. على العكس، تبدو ألوانه المائية كاستعادة لتقنية المنمنمات "بارداخت Pardakht" (ضربات فرشاة قصيرة مطبّقة بدقة، شبيهة بالتنقيط). ليست الألوان ذات أولويّة في لوحات نقش، فهو يستخدم الألوان الخافتة أو الألوان الأحادية من الرمادي والأزرق والأصفر. إن تراكيبه المصمّمة بعناية، مع الأسطح المشغولة والرسم الخطيّ البارع، هي أبرز ما يميز أعماله. لقد رسم نقش بأسلوبه الفريد المناظر الطبيعية، والطبيعة الصامتة، والشخصيّات البشريّة، ومشاهد الشوارع، والعري، والحروف. وعلى غرار الرسامين الباكستانيين الآخرين في الستينيات (مثل صادقين (1930–1987) وشاكر علي (1916–1975)، وحنيف رامي (1930–2006)، وأنور جلال شيمزا (1928–1985))، جعلَ نقش الخط (الكاليغرافي) موضوعاً للتجريب. تختلف لوحاته الخطيّة الحداثيّة المائية اختلافاً كبيراً عن أعماله السابقة. لقد درسَ ومارسَ فنّ الخطّ لتعزيز التكوين الجماليّ ولتعلّم مهارة التجريب باستخدام تنويعات النصّ في لوحاته. كان نهجه في فنّ الخط تصويرياً أكثر من كونه إثباتاً لإتقان المهارة.
تظهرُ تجاربه المستمرّة مهارته اللافتة في الرسم وحسّه التكويني واستخدامه المتطوّر لمجموعة منتقاة من الألوان والسعي إلى الفنّ من أجل الفنّ. بالنسبة إلى نقش، "ليس لديّ قصة لأحكيها، ولا سيمفونية لأعزفها، ولا قصيدة لأتلوها، ولا حبكة لأنفذها، ولا ذروة، ولا انتكاسة. يتوقّع الجمهور غير الملمّ هذه الأشياء كلّها من الرسام، وإذا كان أي رسام يقدّم كل هذه العناصر من خلال لوحاته، فهو لا يخدع المشاهد فحسب، بل يخدع نفسه أيضاً. إذا كان لا بدّ من العثور على حبكة، أو قصة، أو موسيقى، أو قصيدة، فستظهر في معالجتي للألوان، والقوام، والشكل، والتكوين. وعلى وجه الخصوص، ليس في أشكالي (الموتيڤات)."
في عام 1999، أسّسَ نقش متحفاً خاصّاً بمساعدة أصدقائه: "متحف جميل نقش" في كراتشي، ضمّ ثلاثة آلاف لوحة من لوحاته. في عام 2003، قرّر نقش الانتقال إلى لندن حيث بقي حتى وفاته عام 2019.
تعرض أعماله ضمن مجموعات خاصّة في جميع أنحاء العالم وفي مجموعات متحف لاهور (باكستان)، وغاليري ناشونال آرت (إسلام أباد، باكستان)، ومجلس الحمراء للفنون (لاهور، باكستان).