tbc

كاظم حيدر

بقلم سليم البهلولي

Kadhim Haidar

كاظم حيدر

مولود عام 1932 في بغداد بالعراق

متوفّى فيها عام 1985

المشاركة مع صديق

نبذة

ولد كاظم حيدر عام 1932 في بغداد. كان كاظم حيدر واحداً من أكثر الفنانين الحداثيين تأثيراً في العراق، سواء من خلال أعماله الخاصة أو بصفته أستاذاً في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد، ملهماً أعمال العديد من الفنانين طوال ستينيات وسبعينيات القرن العشرين. وفي السنوات المضطربة التي أعقبت الانقلاب البعثي الأول عام 1963، وضعت سلسلة لوحاته "ملحمة الشهيد" نموذجاً جديداً لممارسة الفن، حيث أعيدت صياغة المفاهيم والرموز الثقافية المختلفة في العمل الفني من أجل تشكيل تجربة معاصرة. بالإضافة إلى الرسم والطباعة والنحت، صمم حيدر مجموعات وأزياء لعدد كبير من العروض المسرحية في بغداد.

سيرة ذاتية

أحبّ كاظم حيدر الرسم منذ طفولته في حي الفضل في بغداد. عندما زار الفنان محمد صالح زكي (1888–1974) مدرسته الابتدائية وطلب من التلاميذ رسم سمكة، رسم حيدر سمكة بطريقة فريدة من نوعها، وعندما سُئل عن سبب رسمه السمكة بهذا الشكل، أوضح لزكي بأن السمكة لم تكن قد ماتت بعد.

درس حيدر الأدب في المعهد العالي للمعلمين في بغداد وتابع في الوقت ذاته دروساً مسائيّة في معهد الفنون الجميلة في بغداد. تخرج في كليهما عام 1957. سافر إلى لندن عام 1959 لمواصلة تحصيله الفنيّ في الكلية المركزية للفنون (سنترال سانت مارتينز حاليّاً)، حيث حصل على البكالوريوس في الرسم والطباعة الحجريّة والتصميم المسرحيّ. بعد عودته إلى بغداد عام 1962، باشر التدريس في معهد الفنون الجميلة.

كان كاظم حيدر خلال الخمسينيات من أعضاء مجموعة فنانين عرفت باسم "الرواد"، وعلى غرار فنانين آخرين من هذه المجموعة، مثل محمود صبري، ركزت أعماله إلى حد كبير على شخصية عمال المدينة. من خلال رسمه العامل بعضلات إنسان خارق، وبذراعين وساقين شبه منحوتين عبر خطوط نقية ومتينة، بنى حيدر في نموذجه بُعداً أسطورياً صوّر العامل كمكافح بطولي من أجل العدالة. في لوحات مثل "أخبَرنا كيف حدث ذلك" (1957) و"صراع البطل" (1958)، حيث عُرض العامل في مشهد من معركة كربلاء، صوّر حيدر العامل بشكل واضح بوصفه فرداً سياسياً وليس مجرد عنصر اقتصادي، في إشارة منه إلى الاحتجاجات العمالية، التي غالباً ما كانت ضد غلاء المعيشة في بغداد، التي قمعتها السلطات بعنف آنذاك.

إثر الانقلاب البعثي الأول في فبراير 1963، بدأ حيدر العمل على سلسلة من اللوحات التي استلهمت صورها من مراسم العزاء التي تقام سنوياً في ذكرى استشهاد الإمام الحسين. لقد وظّف تقنيات حديثة ومبادئ جمالية مثل التكرار، مستمدة من فنون بلاد الرافدين القديمة لإعادة تصميم اللافتات والأشخاص والخيول التي تُحيي المواكب وتعيد تمثيل واقعة كربلاء، المعركة التي قتل فيها الإمام الحسين مع عدد من أفراد عائلة الرسول لرفضهم الاعتراف بحق يزيد في الخلافة. لم تصوّر اللوحة العروض الطقسية ولا أحداث المعركة التاريخية، إنما، وباتباع نوع من التجريد للصيغ الرمزية، قللت تعديلات حيدر الجمالية من سطوة الشعائرية والتاريخية. لقد جعل من مراسم العزاء بمثابة مفردات عبّر من خلالها عن محنة شهيد مجهول. ووفقاً لتقليد استخدام الشعر في طقوس الحداد على الإمام الحسين، ألّف حيدر قصيدة تروي هذه المعركة بأبيات حديثة، وجعل كل لوحة من السلسلة تتماثل مع أحد أبيات القصيدة. ومع ذلك، فإن المفردات الشكلية المستخدمة في اللوحات المجتمعة مع القصيدة، قد حافظت في العمل الفني الحديث على ذات الشعور بالشفقة وذات المطالبة بالعدالة التي تحملها مشهديّة مراسم العزاء. عُرضت المجموعة المتسلسلة، التي تتألف من 32 لوحة من مختلف الأحجام، في أبريل عام 1965 في المتحف الوطني للفن الحديث في بغداد، تحت عنوان "ملحمة الشهيد".

مستمدّاً موضوعاته من مشاهد طقوس الاحتفالات الشعبية بذكرى استشهاد الحسين، اعتبر كاظم حيدر أنه يواصل محاولته الأولى بتجاوز الحدود التقنية في العمل الفني، من خلال إدخال عناصر خارجية فيه. أولى محاولاته على هذا الصعيد كانت لوحة "الحمّال" (1955)، التي صوّر فيها عاملاً مدينياً يحمل جذع شجرة نخيل، وقد ألصق على القماشة قطعة من جذع شجرة نخيل حقيقية. أدى إدخاله شجرة النخيل في اللوحة إلى تلاشي المسافة المجازية بين العمل الفني والعالم، بين "صورة" العامل الرازح تحت ثقل حمله والعالم الواقعي في بغداد الحديثة التي يعاني فيها العمال. وبالمثل، في "ملحمة الشهيد"، أدى استحضار مشاهد احتفالات العزاء داخل اللوحة وإن ألغى هذا الاستحضار معاني الرموز التاريخية والشعائرية إلى تلاشي الحدود بين العمل الفني ومراسم العزاء، مع التأثير الذي جعل اللوحات تتشبع بالرثاء وبشهادة طقوس ذكرى استشهاد الحسين. مع ذلك، لم يكن ذلك الرثاء وتلك الشهادة في هذا العمل يستهدفان التعبير عن استشهاد الإمام الحسين، بل عن المعاناة التي نتجت عن الانقلاب البعثي الأول عام 1963.

واصل كاظم حيدر خلال الستينيات والسبعينيات تطوير موضوع الشهادة والاستشهاد، غير أنه اتبع طريقاً تتجاوز مشاهد طقوس مراسم العزاء، نحو استكشاف البعد الأسطوري الذي تنتجه تلك الممارسات الطقوسية. بدا المحتوى السردي في هذه اللوحات الأخيرة بما يجعل هذه الأشكال الرمزية تتجه نحو نوع معيّن من التجريد. إضافة إلى ذلك، أنجز حيدر، مثل العديد من الفنانين العراقيين، بما فيهم ضياء العزاوي (1939–) ورافع الناصري (1940–2013) وإسماعيل فتاح (1934–2004) وعلاء بشير (1939–)، أعمالاً تستنكر المجازر التي طالت الفلسطينيين في مخيّم تل الزعتر عام 1976، وعرض قسماً من هذه الأعمال في بينالي الفن العربي الثاني في الرباط في وقت لاحق من العام ذاته. صمّم أيضاً ديكورات وملابس لعدد من العروض المسرحية من إخراج سامي عبد الحميد (1928–2019) وقاسم محمد (1934–2009). ومع أنّه كان قد صمم ديكوره الأول قبل ذلك بفترة طويلة، سنة 1950، عندما طلب منه حقّي الشبلي (1913–1985) أن يرسم خلفيات مسرحيته "يوليوس قيصر"، إلّا أنه لم ينخرط بجدية في التصميم المسرحي إلا بعد لقائه بسامي عبد الحميد في لندن حيث كان كلاهما يتابع تحصيله الجامعي.

شارك كاظم حيدر، سنة 1967، في "جماعة الزاوية" التي لم تدم طويلاً، والتي نظّمت معرضاً واحداً فقط أتى بمثابة رد من قبل هيئة التدريس في معهد الفنون الجميلة، التي كان عضواً فيها، على نشاطات طلابهم الذين كانوا قد باشروا بالدفع نحو إبداعات تقنية أكثر راديكاليّة. أُرجئت هذه الجدالات حول التقنيات بفعل هزيمة 1967 في حرب الأيام الستة مع إسرائيل والتي خلقت عدداً من التساؤلات الجديدة حول آليات تفاعل الممارسة الفنية مع السياسات الإقليمية. رداً على الجدالات حول كل من الشكل والمحتوى، نظم كاظم حيدر عام 1971 معرضاً في المتحف الوطني للفن الحديث لأعمال الفنانين اليافعين وليد شيت (1947–) وفيصل لعيبي (1947–) ونعمان هادي (1943–) وصلاح جياد (1947–2020) وعقيل عبد الرزاق (1948–2023)، تحت عنوان "الأكاديميون". في نص يقدم المعرض وأعمال الفنانين، سعى حيدر إلى اعتبار مفهوم "الأكاديمي" بصفته ممارسة فنية يكون فيها الخط معروفاً ومخططاً له مسبقاً عن طريق المعرفة، أي ممارسة تتضمن فيها الأشكال الجمالية محتوى تأويلياً. كان تجديده مفهوم "الأكاديمي" محاولة منه أيضاً، كما يوضح، لتفسير ما أنجزه، قبل حوالي عقد من الزمن، في "ملحمة الشهيد".

بالإضافة إلى التدريس في معهد الفنون الجميلة، الذي تحول فيما بعد إلى أكاديمية الفنون الجميلة عندما ألحق بجامعة بغداد عام 1968، وتأليف كتاب تعليمي بعنوان "التخطيط والألوان"، تولى كاظم حيدر مناصب قيادية في عدد من المنظمات الفنية، على المستويين الوطني والإقليمي. شغل منصب نائب رئيس جمعية الفنانين العراقيين ما بين 1968 و1972، وخلَف خالد الجادر (1922–1988) في رئاسة اتحاد الفنانين العرب عام 1975.

في عام 1983 تم تشخيص حيدر بسرطان الدم وسافر إلى لندن لتلقي العلاج. ورغم أنه استعاد بعضاً من قوته، إلاّ أن داء السرطان العنيد نال منه، ولم يعد لدى حيدر حينها المال الكافي لمواصلة علاجه. من أجل مساعدته على دفع تكاليف جولة العلاج الثانية، دعاه ضياء العزاوي، الذي كان آنذاك المدير الفني للمركز الثقافي العراقي في لندن، لعرض بعض من لوحاته في المركز. إلى جانب عرض أعماله من السنوات السابقة، أنجز كاظم حيدر سلسلة من اللوحات الزيتية صوّرت معاناته مع جسده المتحضر. وكأنما ألقى المرض به خارج جسده، رأى حيدر ذلك الجسد كشيء عضوي وآلي في آن معاً، كمشهد مكوّن من الشرايين والأوردة، من الأنابيب والفروع المكشوفة والممتزجة مع العالم السريري المؤلف من الأنابيب والأزهار المحيطة به في المستشفى. استقطب المعرض إلى المركز الثقافي أعضاء من الجالية العراقية، ممن كانوا لا يأتون إليه آنذاك لأسباب سياسية، وبيعت اللوحات جميعها. استطاع حيدر الحصول على جولة ثانية من العلاج، ثم عاد إلى بغداد حيث استمر في العمل وأنجز رسومات تحضيرية ومخططات لوحات كبيرة بالألوان المائية، غير أنه توفي بعد عودته ببضعة شهور.

tbc

كاظم حيدر,منظر بعد الذاكرة,1984, ألوان زيتية على قماش, 100 × 130 سم. متحف: المتحف العربي للفن الحديث، الدوحة.

tbc

كاظم حيدر, الشهيد,1965 ,ألوان زيتية على قماش, 96 × 125.5 سم.متحف: المتحف العربي للفن الحديث، الدوحة.

tbc

كاظم حيدر، الشهيد، 1969، ألوان زيتية على قماش، 94 × 68 سم. متحف: المتحف العربي للفن الحديث، الدوحة.

tbc

كاظم حيدر, ملحمة الشهيد, 1953, ألوان زيتية على قماش,29.5 × 42 سم. متحف: المتحف العربي للفن الحديث، الدوحة.

معارض مختارة

معارض فردية

1984

المركز الثقافي العراقي، لندن، المملكة المتحدة

1973

غاليري 3، بغداد، العراق

​1967

المتحف الوطني للفن الحديث، بغداد، العراق، (مع فالنتينوس كارالامبوس)

​1954

دار المعلمين العالية، بغداد، العراق

​1953

دار المعلمين العالية، بغداد، العراق

​1949

المدرسة الثانوية المركزية، بغداد، العراق

معارض جماعية

​1981

التصوير العراقي المعاصر، المركز الثقافي العراقي، باريس، فرنسا

​1978

المعرض العالمي من أجل فلسطين، الجامعة العربية، بيروت، لبنان

​1977

الأسبوع الثقافي العراقي، الكويت، البحرين، قطر

الفن العراقي المعاصر، المركز الثقافي العراقي، لندن، المملكة المتحدة

1976

فنانون ضد العنصرية، الرابطة الدولية للفنون التشكيلية، المتحف الوطني للفن الحديث، بغداد، العراق

البينالي العربي الثاني، الرباط، المغرب

الفن العراقي المعاصر، متحف الفن الحديث في باريس، فرنسا

1974

المعرض السنوي السادس عشر لجمعية الفنانين العراقيين، بغداد، العراق

البينالي العربي الأول للفنون، بغداد، العراق

1971

الفن العراقي المعاصر، مهرجان المربد الشعري، البصرة، العراق

معرض الأكاديميين، المتحف الوطني للفن الحديث، بغداد، العراق

1970

المتحف الوطني للفن الحديث، بغداد، العراق

1968

المتحف الوطني للفن الحديث، بغداد، العراق

1967

مجموعة الزاوية، المتحف الوطني للفن الحديث، بغداد، العراق

1966

Carreras Caravan "A" Arab Art Exhibition، معرض متنقل، القاهرة، المنامة، الكويت، بغداد، عمان، دمشق، بيروت، لندن، باريس، روما

1965

الفن العراقي المعاصر، معرض متنقل، متحف سرسق. روما، بودابست، فيينا، مدريد، لندن، وبيروت

المعرض السنوي الثامن لجمعية الفنانين العراقيين، المتحف الوطني للفن الحديث، بغداد، العراق

المعرض الأول، بيروت، لبنان

1964

المعرض السنوي السابع لجمعية الفنانين العراقيين، المتحف الوطني للفن الحديث، بغداد، العراق

1958

معرض المرفوضين، اتحاد المرأة العراقية، بغداد، العراق

1957

معرض بغداد، نادي منصور، بغداد، العراق

رواد، معهد الفنون الجميلة، بغداد، العراق

1956

رواد، معهد الفنون الجميلة، بغداد، العراق

نادي منصور، بغداد، العراق

فنانون شباب من الشرق الأدنى، معرض متجول في الولايات المتحدة الأميركية

كلمات مفتاحية

الفن الحديث في العراق، الرواد، الفن والسياسة

تصاميم سينوغرافية

1977

ملحمة جلجامش (إخراج سامي عبد الحميد)

المتنبي (عادل كاظم) (إخراج ابراهيم جلال)

1976

الخان (يوسف العاني)

1973

هاملت العربي (إخراج سامي عبد الحميد)

1967

سورة جديدة (يوسف العاني) (إخراج سامي عبد الحميد)

لخرابة (يوسف العاني) (إخراج سامي عبد الحميد وقاسم محمد)

النخلة والجيران (إخراج قاسم محمد)

بغداد العزل بين الجد والهزل (إخراج قاسم محمد)

1965

تاجر البندقية (إخراج سامي عبد حميد)

أنتيغونا (جان أنويه) (إخراج سامي عبد الحميد)

لحيوانات الزجاجية (إخراج سامي عبد الحميد)

النسر ذو الرأسين (إخراج سامي عبد الحميد)

الشريعة (تأليف يوسف العاني، إخراج قاسم محمد)

1964

كنوز غرناطة (جيرالدين سيكيس) (إخراج سامي عبد الحميد)

المراجع

عبد الحميد، سامي، لولا كاظم حيدر لما عرفت دور التصميم في العرض المسرحي، في: تجربتي في المسرح، بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة، 200، 34 40

العزاوي، ضياء، كاظم حيدر، نصوص 1، العدد الأول، 1994.

ـــــــــــــــ، الستينيات: ازدهار الوعي التشكيلي، فراديس 5، العدد الرابع،1992

الغساني، أنور، كاظم حيدر في ملحمة الشهيد، الثورة العربية، 7 مايو 1965

علي، مورين، فن كاظم حيدر المؤثر، أور، العدد الأول، 1985.

آل سعيد، شاكر حسن، فصول من تاريخ الفن التشكيلي في العراق، المجلد الثاني، بغداد: وزارة الثقافة والإعلام، 1988

ـــــــــــــــ، البيانات الفنيّة في العراق، بغداد: وزارة الإعلام، 1973

الزاير، إبراهيم، معرض كامل عن مأساة الحسين، الثورة العربية، 9 مايو 1965

حيدر، كاظم، التخطيط والألوان، بغداد: وزارة التعليم العالي والبحث العلمي– جامعة بغداد، 1984

حيدر، كاظم، كاظم حيدر: أخاف المجهول والأسلوب هو أنا، ألف باء1984، [معاد نشرها في: "عراقيون"، الملحق الأسبوعي لصحيفة المدى، المجلد الثامن، العدد 2232، 25 أغسطس 2011

حيدر، نجم، عندما يُرسم الموت، في: عراقيون، الملحق الأسبوعي لصحيفة المدى، المجلد الثامن، العدد 2232، 25 أغسطس 2011