TBC

ليلى نصير

بقلم نور عسلية

Leila Nseir

ليلى نصير

مولودة عام 1941 في مدينة اللاذقية في سوريا

متوفاة فيها في 15 أغسطس 2023

المشاركة مع صديق

نبذة

ليلى نصير رسامة وشاعرة سورية شهيرة، وهي أبرز فنانة سورية أثبتت مسيرة فنية بارزة في زمن ندر فيه استمرار الفنانات من جيلها. دعت إلى المساواة بين الجنسين وكانت ثورية على المستويين الشخصيّ والفنيّ، حيث عارضت تقاليد المجتمع المحافظ والأفكار المسبقة عن الفنانات. طوال مسيرتها المهنية، استكشفت أنماطاً فنيّة مختلفة وآمنت بشدّة بأهميّة التجريب. أثّرت فيها انطباعاتها من طفولتها المبكرة، خصوصاً مراقبتها الفقر، وظلّ عملها متمحوراً حول معاناة البشرية بسبب الحروب والطبقية والتمييز بين الجنسين.

سيرة ذاتية

وُلدت ليلى نصير عام 1941 في مدينة اللاذقية الساحلية السورية لأسرة محبّة للثقافة. كان والدها موسى نصير قائم مقام وقد شجعها على دراسة الفن. بحكم عمله، تنقّلت العائلة في المدن السوريّة. لذا، قضت ليلى جزءاً من طفولتها في الشمال السوري في قرية راجو الجبلية الوعرة المجاورة لمدينة عفرين. هناك راقبت الحياة الريفيّة وتأثرت بمظاهر الفقر ومشاهد الأطفال الحفاة والفلاحات وعملهن المضني وأعجبت بصلابتهنّ. كانت والدتها وديعة رباحية مولعة بالأدب والفلسفة وقد حرّضتها على قراءة الأدب الغربيّ والعربيّ مثل أعمال شكسبير وبودلير وطه حسين وجبران خليل جبران. اعتبرت ليلى نصير أن والدتها كانت "مفتاحها" إلى الفن. في سنّ المراهقة، تطوّعت ليلى في واحدة من المستشفيات العامّة في سوريا وتدرّبت كممرضة لمدة أربعة أشهر. كان ذلك إثر العدوان الثلاثي على مصر (حرب السويس) عام 1956، حيث عاد الجنود السوريون مصابين من مصر.

بعد أن أنهت دراستها الثانوية عام 1958 وبفضل تفوّقها الدراسي، حصلت على فرصة لمنحة دراسيّة في مصر ضمن نظام المنح الدراسيّة بين سوريا ومصر في ظل حكومة الوحدة بين البلدين (الجمهورية العربية المتحدة 1958- 1961). في مقابلة الترشح للمنحة التي جرت في مديرية التربية في اللاذقيّة، امتحنها الفنان الفلسطيني المقيم في سوريا آنذاك إبراهيم هزيمة (1933-2023)، ولاحظ أنها تمتلك مهارات لافتة في الرسم، فقبلها. عند انتقالها إلى مصر عام 1959 لدراسة الفنّ في كلية الفنون الجميلة بالقاهرة، خضعت لامتحان قبول دام لمدة أسبوع، وكان أحد الأساتذة المشرفين الفنان المصري حسين بيكار (1913-2002) والذي أصبح معلمها ومرشدها طوال سنوات دراستها في الكلية.

كانت لدى ليلى في البداية الرغبة في دراسة النحت، حيث كانت معجبة جداً بنحت الحضارات السورية القديمة خصوصاً الأوغاريتيّة وفن مايكل أنجلو، إلا أن أساتذتها، ومنهم بيكار، رأوا في موهبتها في الرسم ما يجعلها قادرة على أن تصبح رسامة، مما دفعهم إلى تشجيعها على دخول قسم الرسم. تدرّبت بشكل أساسي على الرسم الواقعي. وبحسب الفنانة، فإنها قد تأثّرت في تلك الفترة فنيّاً وفكريّاً بمشاهد الفن المصري القديم، وأيضاً بالفن المصري الحديث، خصوصاً أعمال الفنان محمود مختار (1891-1934). تخرّجت ليلى عام 1963، وفي مشروع تخرجها رسمت سلسلة بأسلوب تعبيريّ تصور أطفالاً من ذوي الإعاقات الذهنية، كانت تراقبهم وترسمهم في أحد دور الرعاية في القاهرة. عادت نصير إلى سوريا في العام ذاته وعملت معلمة فنون في المدارس الحكومية في اللاذقية، ورسمت مشاهد المدينة بأسلوب تعبيري تجريدي.

في منتصف الستينيات طوّرت نصير نظرة إنسانية عن العالم، وتأثّرت بشدّة بالحروب والظلم. يتضّح منظورها هذا في لوحاتها مثل "العنصريّة" (1965) ولوحة "الفيتنام" (1966). عندما تأسّست نقابة للفنون الجميلة في سوريا عام 1969 (حالياً اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين) كانت ليلى من أوائل المنتسبين إليها. بين عامي 1969 و1972، سجّلت ليلى يومياتها على كرّاسة فريدة أسمتها لاحقاً "دفتر الشعر والنحت". تضمّن الدفتر يوميات شعريّة من شعر التفعيلة (الشعر الحرّ)، وبعض القصص القصيرة، ورسوماً تخطيطيّة لأعمال نحتيّة. كشفت الرسوم عن رؤية فنيّة تدمج بين عناصر من نحت الحضارات المحلية مثل الديمومة والصلابة من جهة، مع مفاهيم حديثة مثل اختزال الأشكال والأسطح بأسلوب تكعيبي.

في أوائل السبعينيات انتسبت ليلى إلى اتحاد التشكيليين العرب. وفي تلك الفترة غادرت اللاذقية إلى دمشق مخالفةً رغبة والدها، حيث أقامت في دمشق في استوديو من 12 متراً، ما قيّد خياراتها العملية في الفن. وفي العام 1972 بدأت العمل معلّمة لمادة الرسم في دار المعلمين بدمشق. أثناء عملها على واحدة من نسخ لوحة "الفيتنام" في النصف الأول من السبعينيات، استخدمت الفنانة يديها العاريتين فتسرّبت المواد الكيميائية إلى جسدها وأصيبت بمضاعفات صحيّة خطيرة، لم يتمكن الطب في سوريا من شفائها. لذا، أوفدتها الدولة السورية إلى فرنسا للعلاج عام 1974، حيث قضت فترة علاجها وعادت إلى دمشق. إلا أنها عانت صحياً من جديد في مطلع الثمانينيات، حيث تقدم لها فاتح المدرّس (1922-1999) نقيب الفنانين في ذلك الوقت بطلب سفر للعلاج عام 1981 حيث سافرت مجدداً إلى فرنسا.

في أوائل الثمانينيات عملت مدرّسةً لمادة الرسم في كلية الفنون الجميلة بدمشق. وفي عام 1982 عندما كان "الغزو الإسرائيلي على لبنان" قائماً وفي أوجه، توجّهت ليلى إلى جنوب لبنان "لرغبتها بخوض التجربة معيشيّاً" حسب تعبيرها، ولكي ترسم المقاومين، وأنجزت بعد رحلتها تلك أعمالاً من بينها لوحتيّ "أرنون والجنوب اللبناني" و"بيروت تحترق" (أنجزتا بين عامي 1982 و1985). عادت إلى دمشق حيث أقامت حتى أواخر الثمانينيات. لكن بسبب قسوة الظروف المعيشية والاقتصادية ومرض والدها أُجبرت على الرجوع نهائياً إلى اللاذقية حيث أمضت بقية حياتها، محتفظةً بمرسمها في دمشق تزوره من وقت لآخر. استمرت بنشاطها الفنيّ في اللاذقية وعملت خلال التسعينيات مدرّسةً للرسم في كليّة الهندسة المعماريّة بجامعة تشرين.

في أعمالها، صوّرت المرأة وعبّرت عن نسويتها من خلال مشاركتها في معارض ذات صلة، منها "المرأة العربيّة والإبداع الفنيّ" في دمشق عام 1975، ومعرض "ملتقى عمّان الأول للفنانات التشكيليات العربيّات" بعمّان 1996 و"المعرض النسائي الدولي" في مدينة بون 1986. بالإضافة إلى ذلك، كتبت عن الفنانات، وشاركت تجاربها ورؤاها حول نفسها وزميلاتها، مثل تمثيلها الفنانات خلال محاضرة لها على هامش معرض "عيون عربية" الذي أقيم عام 1995 في متحف الشارقة، وعندما كتبت دراسة بعنوان "مساهمة الفنانات السوريّات في الفن التشكيلي السوري" نُشرت ضمن إطار معرض في صالة "بلدنا" في عمان 1996.

بالرغم من إرسالها للعلاج من قبل الحكومة وحصولها على جائزة الدولة التقديرية من وزارة الثقافة للعام 2014، شعرت بالإهمال، خصوصاً في سنواتها الأخيرة. وكانت تعبّر باستمرار عن شعورها بالظلم من المجتمع الفني السوري، وشعورها بالتهميش لمجرد أنها امرأة. توفّيت في دار الرعاية في اللاذقية في 15 أغسطس 2023.

الأعمال الفنيّة

تبّنت ليلى نصير التجريب الفنيّ، فتنقلت بين الواقعيّة الرومانسيّة والسرياليّة والتعبيريّة التجريدية. تأثّرت بالجداريّات المصرية الفرعونيّة التي شاهدتها واقعيّاً خلال فترة دراستها في مصر، وهو ما يتضح في تصويرها الوجوه والأجساد البشرية.

عَملت ليلى باستخدام مواد مختلفة، بما فيها الألوان الزيتيّة والأكريليك وأقلام الرصاص، كما رسمت بالباستيل والشمع مبتعدة عن الألوان الزيتيّة للأسباب الصحيّة. اختبرت أيضاً تقنيات مختلفة في الطباعة، اعتمدت منها خصوصاً الحفر على الألواح الخشبية، وكانت في معظم الأحيان تستخرج مطبوعات وحيدة عبر تسخين الورق وضغطه على الخشب الملوّن بالباستيل. نادراً ما عنونت الفنانة أعمالها مفضلةَ ترك تفسيرها مفتوحاً للمشاهد.

tbc

ليلى نصير, طبيعة صامتة, c.1960, أكريليك على قماش,144 × 320 سم. متحف: المتحف العربي للفن الحديث، الدوحة.

تضمنت العديد من لوحاتها بورتريهات ذات عيون واسعة وشخصيات تعبيريّة تجريديّة تميّزت بخطوط جريئة وألوان ترابيّة. تعكس العديد من أعمالها موضوعات المعاناة الإنسانيّة، وتتناول قضايا مثل الحرب وعدم المساواة بين الجنسين والتمييز الطبقيّ. في أعمالها التجريدية التعبيرية التي أنجزتها خلال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، كدّست ليلى الوجوه والأجساد معاً، لتشكل كتلاً ملونة ضمن التركيب. تخلْت في تلك الأعمال عن العناصر الخطيّة لصالح الألوان الأساسية الزاهية (الأخضر والأحمر والأصفر والأزرق) مما سمح لقوة اللون بأن تأخذ مكانة أولى.

خلال العقدين الأخيرين من حياتها المهنية، ركّزت ليلى على موضوعات أسطورية، مستلهمة من الأختام الأوغاريتية السورية. حيث وضعت ضمن تكويناتها شخصيات بشرية وحيوانية في صفوف أفقية، مشابهة لما يمكن أن تنتجه طباعة الختم الأوغاريتيّ القديم. تميّزت تلك الأعمال بدرجات ألوان زاهية وشفافة، مع بقع لونية تشكل تمثيلات تجريدية لشخصيات صغيرة الحجم.

معارض مختارة

معارض فردية

2024

Istoria: A Retrospective Reimagining Middle Eastern Feminism with Leila Nseir، غاليري أيام، الإمارات العربية المتحدة

2015

2015 ليلى نصير، غاليري مارك هاشم، بيروت، لبنان

2008

ليلى نصير، غاليري أيّام، دمشق، سوريا

1989

كلية الهندسة المعمارية في جامعة تشرين، اللاذقية، سوريا

1986

ليلى نصير، جمعية الصداقة السوريّة البلغاريّة في دمشق، سوريا

1984

المركز الثقافي في الرقة، سوريا

1980

ليلى نصير، المركز الثقافي السوفييتي دمشق، سوريا

خطيّات، نقابة الفنون الجميلة وصالة الشعب، دمشق، سوريا

1972

ليلى نصير، المركز الثقافي العربي، دمشق، سوريا

معارض جماعية

2023

تواريخ موازية Parallel Histories، مؤسسة بارجيل، متحف الشارقة، الإمارات العربية المتحدة.

2022

Memory sews together events that hadn't previously met، مؤسسة بارجيل، متحف الشارقة، الإمارات العربية المتحدة.

2021-2019

مسيرة قرن: الجزء الثاني، مؤسسة بارجيل، متحف الشارقة، الإمارات العربية المتحدة.

2001

النساء والحرب، مقرّ اللجنة الدولية للصليب الأحمر في دمشق، سوريا

1997

بينالي الشارقة، الإمارات العربية المتحدة

1995

عيون عربيّة، متحف الشارقة للفنون، الإمارات العربية المتحدة

1996

ملتقى عمّان الأول للفنانات التشكيليات العربيّات، صالة بلدنا، عمّان

1994

ليلى نصير، جورج ماهر، وليد الشامي، غاليري الشامي، حمص، سوريا

1993

ليلى نصير، جورج ماهر، وليد الشامي، نذير إسماعيل، غاليري الخانجي، حلب، سوريا

1987

المعرض السوري في قصر بيت الدين، الشوف، لبنان

1986

المعرض النسائي الدولي، بون، ألمانيا

1984

ليلى نصير، غريتا علواني، شلبية إبراهيم، أسما فيومي، القسم الثقافي البلغاري في دمشق ونقابة الفنون الجميلة

غاليري أوغاريت، دمشق، سوريا

1983

غاليري أوغاريت، دمشق، سوريا

1980

المعرض السوري في المركز الثقافي السوري في باريس، فرنسا

الفن التشكيلي السوري المعاصر، موسكو، روسيا

1975

نقابة الفنون الجميلة والاتحاد العام النسائي بدمشق، سوريا

1974

معرض السنتين العربي الأول (بينالي بغداد)، بغداد، العراق.

1966

المعرض السوري في متحف سرسق، بيروت، لبنان

معظم معارض الدولة (معارض نقابة الفنون التشكيلية ومعرضي الربيع والخريف السنويين) منذ العام 1967

المراجع

عسلية، نور، On Leila Nseir: Beyond Social & Artistic Conventions، معهد فكر ومؤسسة بارجيل، يونيو 2024، https://www.fikerinstitute.org/publications/on-leila-nseir-beyond-social-artistic-conventions

مجموعة من الكتّاب، ليلى نصير، غاليري أيام: دمشق، 2008

القاسم، سعد، نساء سورية، إشراف: نبيل صالح، الهيئة السورية لشؤون الأسرة: دمشق، 2008

نور الدين، نادين، Friends share memories of pioneering Syrian modern artist Leila Nseir مقابلة مع صبا علي وأحمد قاشا،The national news، 16 سبتمبر 2023 https://www.thenationalnews.com/arts-culture/art-design/2023/09/16/leila-nseir-syrian-artist/

مصري، منذر، ليلى نصير، هدف صعب للموت، المجلة، مؤسسة أتاسي، 1 مايو 2018 https://www.atassifoundation.com/ar/lmjl/lsdr-2-lns/fy-hdh-l-dd/lyl-nsyr-hdf-s-b-llmwt

نصير، ليلى، مقابلة مع ليلى نصير، وجوه وقصص Al Aan TV، 9 أكتوبر 2010 https://www.youtube.com/watch?v=xkd2k2MscD8&ab_channel=AlAanTV%D8%AA%D9%84%D9%81%D8%B2%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%86

أرشيف ليلى نصير، أرشيف الفن السوري الحديث، مؤسسة أتاسي، https://www.atassifoundation.com/ar/mjmw-t-rshyfy/rshyf-lyl-nsyr