السيرة الذاتية
درسَ محمد المليحي في المدرسة العليا للفنون الجميلة (1953–1955) في مدينة تطوانَ بالمغرب، قبل أن يغادرَها لإكمال دراسته في الخارج في المدرسة العليا للفنون الجميلة سانتا إيزابيل هنغاريا (1955) في إشبيلية، والمدرسة العليا للفنون الجميلة سان فرناندو (1956) في مدريد، وأكاديمية الفنون الجميلة (1957–1960) ومعهد الدولة للفن (1860) في روما، والمدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة (1960–1961) في باريس، وأخيراً حصل على منحة مؤسسة روكفلير للدراسة في جامعة كولومبيا (1962) لعامَين قبل العودة إلى المغرب عام 1964.
كان تأثير المليحي على المشهد الفنيّ المحليّ هاماً. أسّسَ مع فريد بلكاهية ومحمد شيبا "جماعة الدار البيضاء" والتي أنتجت معرضاً في الرباط عام 1966. وبالإضافة إلى أسلوبها الحداثي الجديد، اشتُهرت المجموعة بمنهجيتها التي سعت إلى تأصيل الحداثة في الثقافة البصرية المحلية. وفي عام 1969، نظّم الثلاثة وبالتعاون مع عددِ آخر من أساتذة المدرسة العليا للفنون الجميلة في الدار البيضاء معرض مانيفستو "حضور فنيّ"، الذي أقيمَ في الهواء الطلق في ساحة جامع الفنا بمراكش بهدف التواصل المباشر مع جمهور واسع.
إلى جانب لوحاته، كان أفق مسيرة ميليحي المهنية مذهلاً، حيث شمل التدريس والنشر وأدواره في السياسة وعمله كمصمم جرافيكي. يتواجد ملصقه لمعرض الرباط (1966) حالياً في مجموعة متحف الفن الحديث في نيويورك. كان المليحي عضواً ناشطاً في رابطة مجلة "سوفل" الثقافية اليسارية بين الأعوام 1966 و1999 وصمّم غلافَها الأيقونيّ المتميّز. ومن العام 1972 وحتى العام 1977، شغل المليحي منصب مؤسس ومدير المجلة الثقافية "إنتغرال". وفي عام 1974، شارك في تأسيس دار نشر "شوف" (Shoof) وتبوأ إدارتَها. وفي عام 1978، أسّس المليحي مع محمد بن عيسى "جمعية المحيط" الثقافية ونظما "موسم أصيلة الثقافي"، وهو مهرجان عُرف بجدارياته التي تُعرض في الهواء الطلق سنوياً حتى يومنا هذا. عمل المليحي أيضاً مديراً عاماً في وزارة الثقافة المغربية بين العامين 1985 و1992 ومستشاراً ثقافياً لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون (1999–2000) في المغرب.
تتميز أعمال المليحي بزخارف متكررة من الأمواج كان يطوّرها منذ الستينيات. لوحاته القماشية ذات قطوع واضحة وتجريد بصري، فالخطوط واضحة، والألوان محدّدة، وضربات فرشاة غير مرئية. غالباً ما أُعيد تكوين الأمواج نفسها، ورُسمت عمودياً لتصبح لهباً أو قُطعت عبر القماش في زاوية. كثيراً ما رُبطت هذه الأمواج بأمواج شواطئ أصيلة، مسقط رأسه، أو بعناصر جرافيكيّة من الفن الإسلامي المغربي وحركات الخط العربي، وبالتسامي والصلاة في اتسّاقها التأمليّ. خلال مسيرته، واصل العمل على هذه الثيمة المحوريّة، فأعاد صياغة عناصر مماثلة في بحثه اللوني والشكليّ مع تنويعات التفاصيل الصغيرة باستمرار، مثل الاتجاه وتركيبات الألوان، وإضافة أشكال أو رموز تجريدية أخرى. كما أعاد صياغة موجاته في وسائط أخرى، مثل عمل نحتي في المكسيك عام 1968 للقاء الدولي للنحاتين كجزء من الأولمبياد الثقافي، وكذلك في الملصقات الجدارية، ودمجها في المشاريع المعمارية.
عرضَ المليحي على نحو واسع في معارض محلية وعالمية. كان جزءاً هامّاً من معارض مبكرة عن الحداثة في المغرب، ومنها بينالي الإسكندرية الدولي الثاني (1958)، وبينالي الشباب الأول والثاني في باريس (للأعوام 1959، 1961)، ومهرجان الفن الزنجي في داكار (1966). كما شارك في معارض العالم العربي ومنها مهرجان الواسطي في بغداد (1972) ومعرض منظمة التحرير الفلسطينية "معرض الفنون من أجل فلسطين" (1978). وكان له معارض شخصية عدة، ومنها في الغاليري الوطنية، وغاليري"باب الرواح" في الرباط (1965، 1997)، ومتحف برونكس في نيويورك، ومعرض استعادي في معهد العالم العربي في باريس، وفي غاليري المرسم بالرباط وغاليري سلطان في الكويت. كما كان ضيف شرف في بينالي الشارقة الثالث في الإمارات العربية المتحدة.