سيرة ذاتيّة
ولد الفنان مهنّا الدرة في العاصمة عمّان عام 1938 وهو أحد رواد حركة الفن الحديث في الأردن. مع شهرته عالميّاً بلوحات البورتريهات، عُرف كذلك كأحد أوائل الرسامين الأردنيين الذين جرّبوا التراكيب التجريدية في أوائل الستينيات.
بدأ اهتمام الدرة بالفن منذ طفولته، ويتذكر الفنان بأنه كان يواجه التوبيخ في المدرسة بسب انشغاله بالرسم خلال دروس التربية الدينية. أبدى الدرة، الذي كان مفتوناً بالوجوه والأشكال البشرية، اهتماما مبكراً بالفن التشخيصيّ، ما يفسر شغفه برسم البورتريهات لاحقاً. حين كان في التاسعة من عمره، أرسله والده، تلبية لطموحه، للدراسة في استوديو جورج علييف (1887–1971) وهو ضابط سابق في الجيش القيصري ورسام تقليدي كان يعيش في عمان آنذاك. لاحقاً، في الخمسينيات، التقى الدرّة بفنان أوروبي آخر كان يعيش في العاصمة الأردنية. ألهمت هذه العلاقة اهتمام الدرّة الطويل الأمد بالرسم الهولندي، وخاصة استخدام الضوء لإضفاء الحركة والجو الدرامي على التكوين. يمكن العثور على المؤثر الثالث على ميول الدرة الجمالية في العام 1954، عندما التحق بأكاديمية روما للفنون الجميلة، وكرّس نفسه لدراسة فناني عصر النهضة الإيطالي والباروك.
عاد الدرة بعد تخرجه من أكاديمية روما للفنون الجميلة عام 1958 إلى عمّان، حيث باشر بتعليم الفن في المدارس الابتدائية أولاً ثم في المعهد العالي لإعداد المعلمين. أقام في هذا المعهد علاقة صداقة مثمرة على الصعيد المعرفي مع عازف البيانو والرسام العصامي الإيطالي أرماندو بورن، فقد كانت ذات تأثير على فهم الدرة للصلة بين الموسيقى والتجريد البصري، وكانت علاقة رسمية كثيراً ما أشار إليها نقاده الدوليون والمحليون.
بعد قضاء بضع سنوات في عمان، رجع الدرة إلى روما عام 1961 إثر حصوله على وظيفة في السفارة الأردنية. شكل هذا التعيين بداية حياة مهنية طويلة في العمل الحكومي، تضمنت مناصب من ضمنها مدير عام دائرة الثقافة والفنون في عمّان (1977 – 1983) ومدير الشؤون الثقافية في جامعة الدول العربية في تونس (1980 – 1981)، بالإضافة إلى مهام دبلوماسية في كل من روما والقاهرة وموسكو.
استمر الدرة، على الرغم من حوالي أربعة عقود في الوظائف الحكومية، في ممارسة الرسم والمساهمة في تأسيس بنية أساسيّة للفنون البصرية في الأردن. لم يكن للناشئين المهتمين بالفنون في عمّان في الأربعينيات، سوى فرص قليلة للتدرب المنتظم عدا لدى بعض الفنانين الأفراد الذين أخذوا على عاتقهم إنشاء صفوف غير رسمية لتعليم الفن في محترفاتهم المنزلية. ويعتبر الدرة أحد أعضاء الجيل الأول من الفنانين الأردنيين الذين تلقوّا تعليماً رسمياً بعد حصوله على منحة حكومية للدراسة في الخارج. كان معظم هؤلاء الفنانين يعملون، عقب عودتهم، كمعلمين للتربية الفنية في المدارس الابتدائية، ثم تَولَّوا رئاسة الأقسام الفنية الجديدة الناشئة في الجامعات الأردنية. ولقد أنشأ الدرة معهد "الفنون والموسيقى" عام 1970 وترأس إدارته من عام 1970 حتى1980، وهي السنة التي أغلق المعهد أبوابه بعدها.
غير أن أعظم إنجاز للدرّة هو غزارة أعماله الفنية. اكتسب الشهرة في بداية مسيرته من خلال رسم البورتريهات، حيث رسم تشكيلة متنوعة من الأفراد، باستخدام الزيت والألوان المائية والحبر، استطاع الدرّة تصوير مجموعة من الموضوعات تراوحت من الفلاحين والبدو المجهولين إلى شخصيات المجتمع في عمان. ولعلّ أبرز أعماله بورتريهات المهرّجين. تتميّز هذه الأعمال المرسومة على الورق بأسلوب تعبيريّ باستخدام الألوان الزاهية والمشبعة وبضربات الفرشاة الواضحة والانسيابيّة.