محمد سيف الدين وانلي

​ نبذة

محمد سيف الدين وانلي فنان مصري رائد حداثي، وُلد في الإسكندرية لعائلةٍ تركيةٍ قوقازية. إلى جانب شقيقه وزميله المُقرّب أدهم، درس على يد الرسام الإيطالي أوتورينو بيتشي قبل أن يُنشئا مرسمهما المؤثر. انفصل الأخوَان عن الأسلوب الشعبي السائد عبر إدخال الاتجاهات الأوروبية الحديثة إلى مصر. كان سيف فناناً غزير الإنتاج، أنتجَ أكثر من ألف عمل. سافر على نطاقٍ واسع، ملتقطاً الطاقة الحيوية لفنون الأداء كالباليه والأوبرا ومصارعة الثيران بأسلوب تطور من الانطباعية الهادئة إلى الوحشية الجريئة. كُلف بتوثيق التراث النوبي قبل أن يغمره السد العالي في أسوان. كان لوفاة شقيقه عام 1959 تأثير بالغ عليه، حيث دخل على فنه ألواناً داكنة. إرثه الفني العريق محفوظ في العديد من المؤسّسات، أبرزها متحف سيف وأدهم وانلي في الإسكندرية. ​​

السيرة الذاتية

ولد محمد سيف الدين وانلي لعائلة ثريّة من أصول تركية من جانب والده إسماعيل بك محمد وانلي، ومن أصول قوقازية من جهة والدته عصمت هانم الداغستاني. ترعرع مع أخواته الأربع وأخيه الأصغر أدهم في بيئة الثقافة الفرنسية، وتربوا جميعاً على أيدي مربين خاصين في قصر عائلتهم قصر عرفان باشا الواقع في حي محرم بك في الاسكندرية. عمل سيف موظفاً حكومياً في محفوظات الجمارك في الإسكندرية وبدأ بالرسم مع أخيه أدهم. في عام 1929، افتتح الرسام الإيطالي أوتورينو بيكي (1878–1949) من ليفورنو، مرسماً في الإسكندرية، وكان الأخَوَان وانلي ضمن أوائل طلابه. عندما غادر بيكي مصر عام 1934، أسّسَ سيف وأدهم وانلي مرسمهما الخاص في الإسكندرية في السنة التالية مع صديقيهما الرسام أحمد فهمي، ومخرج الأفلام محمد بيومي.

سافر الأخَوَان خلال الخمسينيات إلى عدة بلدان أوروبية بصورة منتظمة، وزارا فرنسا وإيطاليا وإسبانيا، حيث أنجزا العديد من اللوحات والتخطيطات لعروض الباليه والأوبرا والمسرح، بالإضافة إلى المناظر الطبيعية. عندما أسّس النحات أحمد عثمان (1907–1970) كلية الفنون الجميلة في الإسكندرية عام 1957، عُيّن سيف أستاذاً في قسم الرسم الزيتي. وفي عام 1959، كلّفت وزارة الثقافة الأخوين وانلي، إلى جانب العديد من الفنانين من أبناء جيهلما، مثل تحية حليم (1919–2003) وحسين بيكار (1912–2002)، بتوثيق الإرث المعماري النوبي قبل أن تُغطي هذه المنطقة المياه بسبب بناء السد العالي في أسوان. في العام ذاته، عندما توفي شقيقه أدهم، عاش سيف مرحلة صعبة انعكست في أعماله. عندما بلغ الثامنة والستين من عمره، تزوّج الرسامة المصرية إحسان مختار. توفي عام 1979 في ستوكهولم حيث كان يحضّر معرضاً للوحاته من المناظر الطبيعية الاسكندنافية.

كان الأخوان وانلي قريبان أحدهما من الآخر، في حياتهما الخاصة وفي فنّهما. أثّر كلّ منهما بالآخر وقد طوّرا أسلوباً فنياً مماثلاً. غير أن سيف كان يستخدم اسمه الأول لتوقيع لوحاته بينما كان شقيقه أدهم يوقعها باسم "وانلي" أو "أ. وانلي" (أدهم وانلي). أدخلا سوية التيارات البصرية الحديثة إلى الإسكندرية وكانا من أوائل الذين رسموا موضوعات عالمية، متميّزين عن الأسلوب الفلكلوري الذي كان يتبعه معاصروهما.

كان سيف فناناً غزير الإنتاج، فأنجز أكثر من ألف من اللوحات والرسوم والتصاميم التخطيطية. كانت أولى أعماله مستلهمة من استخدام الضوء وضربات الفرشاة الناعمة في أعمال معلمه الإيطالي، أوتورينو بيكي، الذي كان قريباً من حركة ماكيايولي الإيطالية ومدرسة باربيزون. استخدم سيف في مسيرته الفنية لاحقاً مساحات أوسع بالألوان القاتمة وبنى تراكيبه بأسلوب أكثر تحرّراً، ما قرّبه إلى الأسلوب الوحشي.

كان سيف مولعاً بفنون الأداء وقد رسم مشاهد من السيرك والباليه والأوبرا والحفلات الموسيقية وقتال الثيران وجميع أنواع الألعاب الرياضية بما فيها سباقات الخيل. صوّر حياة فناني الأداء على خشبة المسرح ووراء الكواليس معبراً عن حركات أجسادهم الديناميكية والحية. قاده شغفه بفنون الأداء إلى ابتكار عدد من التصاميم للإنتاج المسرحي والأوبرا في مصر. رسم مناظر كثيرة من القرى النوبية التقليدية قبل أن تغمرها الفيضانات وكذلك العديد من المناظر الطبيعية في مصر وكافة البلدان التي زارها، منها إسبانيا وفرنسا وإيطاليا ويوغوسلافيا وبولندا وروسيا. رسم سيف أيضاً سلسلة من البورتريهات الذاتيّة التي عكست حسّه الفكاهي والساخر. بعد وفاة شقيقه أدهم والتي أثّرت عميقاً، أدخل تشكيلة من الألوان الداكنة والظلال في بنية لوحاته. تمكن مشاهدة أعماله في متحف سيف وأدهم وانلي الموجود في مجمع متاحف محمود سعيد في الإسكندرية، ومتحف الفنون الجميلة في الإسكندرية ومتحف الفن المصري الحديث في القاهرة ومتحف: المتحف العربي للفن الحديث، في الدوحة، وكذلك في العديد من المجموعات الخاصة في مختلف أنحاء العالم.

المراجع

رشدي، إسكندر، أدهم وانلي، القاهرة: الهيئة العامة للاستعلامات، 1984

الملاخ، كمال، الشاروني، صبحي، الأخوان سيف وأدهم وانلي، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984

دبسي، آرثر، سيف وانلي، مؤسسة دلول للفنون، بيروت: https://dafbeirut.org/en/seif-wanly.

مراجع إضافية

أباظة، منى، الفن المصري في القرن العشرين، المجموعة الخاصة لشروت الشافعي، القاهرة، مطبعة الجامعة الأميركية بالقاهرة، 2011

آل ثاني، حسن، الفن الحديث في مصر في القرن العشرين، الدوحة: إتش بي إم إتش سي، 2018

آزار، إيميه، التصوير الحديثة في مصر، القاهرة: الإصدارات الجديدة، 1961

بورلورو، أوديل، كولنيه، مادلين دي، منتظمي، مراد، الحضور العربي، الفن الحديث والتحرر من الاستعمار. باريس، 1908–1988، باريس: متحف الفن الحديث في باريس؛ متاحف باريس، 2024

كنفاني، فاتن مصطفى، الفن الحديث في مصر: الهوية والاستقلال، 1850–1936، لندن؛ نيويورك، آي.بي. توريس، 2020

كرنوك، ليليان. الفن المصري الحديث (1910–2003). القاهرة: مطبعة الجامعة الأميركية بالقاهرة، 2005

منتظمي، مراد (تحرير)، موناكو - الإسكندرية - التحوّل الكبير Le grand détour: المدن العالمية والسريالية الكوزموبوليتانية، باريس: دار زمان للنشر، 2021

رضوان، نادية، مصر الحديثة. نهضة عابرة للقومية للفنون الجميلة والتطبيقية، برن: بيتر لانغ، 2017

سيجرمان، أليكس ديكا، الحداثة على النيل: الفن في مصر بين الإسلامي والمعاصر، مطبعة جامعة نورث كارولينا، تشابل هيل، 2019

​