السيرة الذاتية
وُلدَ صادقين في أمروها (أوتار براديش) في الهند عام 1930. نشأ في شمال الهند في كنفِ أُسرةٍ مسلمة شيعيّة تقليديّة من الطبقة الوسطى. تلقّى تعليمه المبكر في مدرسة إمام المدارس في أمروها حيث درسَت أجيال من أجداده وتعلّمت فنّ الحروفيّة. لقد كان من الجيل السابع من الخطاطين والمجلّدين في عائلته. بعد إتمامه الصفّ العاشر في أمروها، انضمّ صادقين إلى شقيقه للعمل في راديو الهند All-India Radio في دلهي حيث عملَ منذ عام 1944 حتى عام 1946 خطّاطاً ونسّاخاً لمختارات شعريّة للمغنّين والمؤدين. مع نهاية الحكم البريطاني في شبه القارة الهندية عام 1947، والتي أدّت إلى التقسيم التاريخي للهند وباكستان، كان صادقين يدرس تاريخ الفن والجغرافيا في جامعة أجرا. في عام 1948 وبعد تخرّجه، هاجرَ إلى كراتشي. ليس ثمّة معلومات مؤكدة حول مكان تواجد صادقين بين عامي 1948 و1954، باستثناء أنّه عاش فترة وجيزة في كويتا وأنّه بدأ مسيرته الفنية مع أول عرض منفرد للوحات في قاعة مدينتها عام 1954. من ثمّ جاء عام 1955 كنقطة تحول بالنسبة إلى مسيرته الفنيّة. إنّ معرضه الفردي الذي أُقيم في مقرّ إقامة وزير الشؤون الخارجية الباكستاني حسين شهيد السهروردي في كراتشي، بعنوان "معرض الفنان المجهول" أكسبه شهرةً بين ليلةٍ وضحاها، ونتجَ عنه حصوله على أوّل تكليف لرسم لوحة جدارية في مستشفى جِناح Jinnah بكراتشي. بعد ذلك، تتالت عليه العديد من التكليفات الرفيعة من حكومة باكستان. خلال الفترة ما بين 1955 و1960، اختبرَ صادقين العديد من التوجّهات الفنية و زاوَجَ بينها، بما في ذلك الواقعية والتجريد ومدرسة البنغال. وبما أنه لم يتلقَّ تدريباً رسميّاً في أيّ مدرسة للفنّ، فإن معرفته بالحركات الفنيّة الغربية كانت فقط من خلال الكتب والمجلات.
بحكم انتمائه إلى عائلة من الخطاطين، جاء ارتباط صادقين الوثيق بالنص تلقائيّاً. وصرّح في إحدى المقابلات التي أجراها عام 1985 مع محطة راديو كويتا أنّه كان خطاطاً منذ المولد. وبدلاً من استخدامه الكتب المدرسية المطبوعة لمدرسته، اعتادَ أن يرسم الرسوم التوضيحية لجميع كتبه المدرسية، بما في ذلك كتابة النصّ بخطّ اليد ورسم الصور التوضيحية والأطالس. وجدَ ارتباطه بالنص الأورديّ الطريق إلى لوحاته عندما أدرجَ صادقين فيها، إضافة إلى أشعاره، أشعارَ اثنين من الشعراء المشهورين في القرنين التاسع عشر والعشرين، ميرزا أسد الله غالب (1797–1869) ومحمد إقبال (1877–1938).
كان لانسحاب صادقين للاعتزال في أراضي غاداني القاحلة (35 ميلاً شرق كراتشي) بين عاميّ 1957 و1958، أثر عميق على فنّه. فقد ألهمته المناظر الطبيعية المُقفرة في غاداني بنباتاتها الصباريّة الطويلة وأرضها الجافة، ودفعته إلى استخدام خطوط التهشير القاسيّة البارزة في أعماله طوال حياته. من منظوره، كان الشكل العموديّ للصبار متناغماً مع أشكال الخط الكوفي. لقد وسّع صادقين تقاليد الخط الإسلامي من خلال دمجه مع الأشكال البشرية.
على الرغم من أن صادقين كان رسّاماً عظيماً، إلّا أنه كان يفضل الرسم بروح كاريكاتوريّة شخصيات مؤنسنة متطاولة سائلة متماهية مع الشكل الطبيعيّ للصبار بحيث يصعب تمييز أحدهما عن الآخر. لقد فتحت هذه المقاربة الجديدة إمكانيات لا حصر لها للتجريب في لوحاته ومشاريعه الجداريّة. مثّلَ استخدامه أشكالَ العضلات البشريّة إرادة الإنسان القوية وكفاحه للتغلب على قوى الشرّ وتسخير الطبيعة. عملَ صادقين بالألوان الزيتية مستخدماً بشكل صريح مجموعة محدودة من الألوان الزرقاء، والمغرة، والرماديات على أسطح مثل الورق والقماش والرخام والخشب والجلود والزجاج وكلّ ما جاء في متناول يده. إلى جانب خطوطه السوداء الخشنة المتصلة، خَدَشَ سطح لوحاته لتقليد ملمس الصبار.
في بينالي باريس الثاني عام 1961، فازَ صادقين عن بحته "العشاء الأخير" بجائزة الرسّام المتميز عن فئة "الفنانون تحت سن 35". قدّم البينالي له منحة دراسية للعيش في باريس، حيث بقيَ لمدة سبع سنوات. أتاحت له إقامته في باريس عرض أعماله في فرنسا ودول أوروبية أخرى والولايات المتحدة. في عام 1964، كُلّف إحدى أهم التكليفات وأكثرها تحدياً في باريس، كانت تلك من قبل عشّاق الكتب في نادي أوتوموبيل فرنسا لتقديم رسوم مرافقة لرواية "الغريب" للكاتب الفرنسي الجزائري الأصل ألبير كامو Albert Camus الحائز على جائزة نوبل. ألّفَ صادقين 35 صورة للكتاب: 22 مطبوعة حجرية ملونة للمشاهد الرئيسية في النص، و13 مطبوعة حجرية أحادية اللون لنهاية كل فصل من الكتاب. لم يكن هناك سوى 150 نسخة طُبعت في مشغل جاك ديجوبير في باريس الذي طبعَ أيضاً أعمال بابلو بيكاسو (1881–1973)، وسلفادور دالي (1904–1989)، ومارك شاغال (1887–1985)، وهنري ماتيس (1869–1954). كان صادقين في تلك الأوقات يزور باكستان بانتظام من أجل أعماله من التكليفات ومعارضه. في عام 1968 عاد صادقين إلى باكستان مستغرقاً في الرسم وكتابة الشعر. في عام 1970، نشرَ مجلداً من طبعتين تضمّن ما يزيد على ألف رباعيّة من "مورّقات" سمّاهما رباعيات: "رباعيات النقّاش صادقين Rubaiyyat-e-Sadequain Naqqash "، خطَّ فيها الرباعيات وصوّرها. مَنحت الجمعية الأدبية الباكستانية كتابه هذا الجائزة الأولى.
بعد السبعينيات، تحوّل عمل صادقين من التصاميم الخطيّة التجريديّة الحداثيّة إلى الأشعار التقليديّة والآيات القرآنية مُدرجاً الوحدات الزخرفيّة التصويرية الموافقة. نالَ حينها قبولاً أوسعَ بين الجمهور والدولة، وحظيَ بتقدير كبير ودعم من الرئيس ذو الفقار علي بوتو (1928–1979) ولاحقاً من نظام ضياء الحق (1924–1988). في ذلك الوقت أيضاً، كان قد أرسى أركان سمعته كفنان وطنيّ، وأحبّ أن يُطلق على نفسه اسم الفقير (الصوفي). لقد عمل بشكل محمومٍ على المقاييس الضخمة من الجداريات ولم يُظهر أيّ اهتمامٍ لتوظيف الفنّ كعمل لكسب المال. لقد آمن بأن فنّه كان للناس عامّةً. لذا، كان يرسم ويوزّع رسوماته مجاناً على نطاق واسع على أولئك الذين تجمعوا حوله بينما كان يرسم لوحاته الجدارية الضخمة. على الرغم من أنّ أعمال صادقين الحروفيّة كانت تصبّ تماماً في مصلحة أسلَمة باكستان، لم تكن لديه هو النيّة في خلق أعمالٍ لتوظيفها كأدوات للأسلمة. واحد من الأدلة التي يمكن ملاحظتها على نهجه غير التوافقيّ والمُزعزِع هي معرضه الذي أقيم عام 1976 في مجلس الفنون الباكستاني في لاهور. ضمّ المعرض، الذي قصَفه اليمينيون، 80 عملاً تصويرياً، بما في ذلك الرسوم التوضيحيّة للرباعيات. منذ الثمانينيات وحتى نهاية حياته، أصبحت أعمال صادقين إسلاميّة بشكل صريح عندما بدأ في رسم آيات قرآنية بأسلوب منمق، خالية من أي صور تمثيليّة. تشمل أعماله الأكثر شهرة في تلك الفترة ثلاث سلاسل مختلفة من لوحات "سورة الرحمن" (رُسمت في 1970 و1974 و1981). لقد حرّر صادقين الأبجدية من عبوديتها التقليدية للكلمات، وألّف لوحاته الخطيّة مع الحفاظ على التشكيل الصرف والشكل للحروف المفردة. عاد صادقين إلى الرسم التشخيصيّ في مشروعه الجداريّ الأخير في قاعة فرير Frere بكراتشي، الذي حمل عنوان "الإنسان وكونه". عندما توفي عام 1987، كانت ثلاثة أرباع المشروع فقط منجزة. ومع ذلك، تمّ تركيبه على سقف قاعة فرير في كراتشي. كان الرسم والحروفيّة والشعر بالنسبة لصادقين مترابطين يغذي كل منها الآخر، وكان يعتقد بأنّ الرسم قد مكّنه من تعزيز فلسفته الجماليّة ومهاراته في الخط.
رسم صادقين أكثر من خمس وأربعين لوحة جدارية معروضة بشكل دائم في باكستان: (متحف بنك باكستان الحكومي في كراتشي، باور هاوس Power House في مانغلا، متحف لاهور، جامعة بنجاب، مكتبة بنجاب العامة، قاعة فرير في كراتشي) وفي الهند: (جامعة عليكرة الإسلامية، المعهد الهندي للبحوث الإسلامية، دلهي، معهد Ghalib دلهي، جامعة باناراس الهندوسية، المعهد الوطني للبحوث الجيوفيزيائية) وفي الشرق الأوسط (باور هاوسUm-ul-Naar في أبو ظبي) وفي أوروبا، وأميركا الشمالية.
لوحات صادقين موجودة في متحف متروبوليتان للفن في نيويورك، ومتحف أونتاريو الملكي في تورونتو، ومتحف الفن الحديث في باريس، بالإضافة إلى العديد من المتاحف الأخرى والمجموعات الخاصة في جميع أنحاء العالم.