السيرة الذاتية
تَشتهر تحيّة حليم بأنها مؤسّسة لحركة تعبيريةِ ما بعد الاستقلال وعصر الحرب الباردة في مصر، وبلوحاتها عن النوبة التي تعود للستينيات والسبعينيات. وُصِفَت ممارساتها أيضاً بالانطباعيّة الفولكلوريّة والواقعيّة الأسطوريّة.
وُلدت عام 1919 في محافظة دنقلا، التي كانت في حينه جزءاً من السودان المصريّ الإنجليزيّ، وكانت الابنة الرابعة لواحدٍ من رِفعة أعضاء الجيش المصريّ وأحد الأعضاء المقرّبين من العائلة المصريّة الحاكمة. انتقلت عائلة حليم إلى القاهرة عندما كانت الفنانة في الخامسة من العمر. تلقّت تدريباً أكاديميّاً ابتداء من أواخر الثلاثينيات على يد الفنان يوسف (أو جوزيف) طرابلسي من سوريا الكبرى (1938–1940) والفنان اليوناني أليك جيروم (التاريخ غير معروف).
في عام 1941، بدأَتْ الدراسة في مرسم الفنان المصريّ حامد عبد الله (1917–1985)، حيث انتهت بالتدريس هناك أيضاً. تزوّج الاثنان عام 1945 وغادرا إلى باريس عام 1949، حيث درَستْ حليم في أكاديمية جوليان بين عامي 1949 و1951، قبل أن تعود إلى القاهرة. تطلّقا عام 1957.
في الأربعينيات وأوائل الخمسينيّات، عُرفت حليم بلوحات الأشخاص، مصوّرةً المشاهد اليوميّة العامّة، إضافةً إلى لحظات فاصلة من تاريخ مصر السياسيّ والاجتماعيّ، مثل حريق القاهرة في 27 من يناير 1952، وخروج البريطانيين من مصر بعد هزيمتهم في العدوان الثلاثي عام 1956. كغيرها من أفراد أفواج الفنانين الذين برزوا في فترة الاستقلال المصري، ابتعدت أعمالها عن الموقف الأمميّ الذي ميّز العديد من فنانيّ الجيل السابق، وركّزت عوضاً عن ذلك على الإطار القوميّ.
ابتداءً من الخمسينيّات، استمرّت حليم بالعمل وفق صياغات تمثيليّة فطريّة (ناييف)، والتي غالباً ما تجنّبت المنظور الوهمي لصالح شبكة من الخطوط المنحنية أو الزخرفات العربيّة التي أحيَتْ سطوح لوحاتها. في الفترة ذاتها، بدأت حليم بتمثيل الجمهوريّة المصريّة، ولاحقاً الجمهوريّة العربيّة المصريّة، في البيناليات والمعارض رفيعة المستوى، حيث شاركت على سبيل المثال في الجناح الوطني في بينالي ساوباولو الثاني عام 1953، وبينالي البندقيّة عام 1956 و1960 و1970، وحصدت الجائزة الأولى من بين المشاركات المصريّة في معرض جائزة جوجنهايم الدولية عام 1958.
في عام 1962، سافرت مع مجموعة من 25 فناناً وكاتباً ومعماريّاً في رحلة نظّمتها وزارة الثقافة والإرشاد القومي المصريّة بهدف توثيق الثقافة النوبية والبيئة العمرانيّة قبل اختفاء أراضي الأجداد تحت مياه بُحيرة ناصر، التي تبعت بناء السدّ العالي في الستينيات. مثّلت الرحلة مثالاً جليّاً على سياسات الدولة تجاه الفنون والتي اتبعها نظام الرئيس جمال عبد الناصر، والتي حشدت الفنانين بشكل جماعي من أجل خدمة الجمهورية الجديدة1. واليوم، تُذكر حليم على نحو أفضل للوحاتها التي تصوّر الناس والحياة اليوميّة في النوبة، عبارة عن تركيبات مفعمة بالزخارف العربيّة، تُوضعُ فيها الشخصيّات، المميّزة أسلوبيّاً، على خلفيّات تكاد تكون تجريديّة صرفة.